عدد المساهمات : 537نقاط : 1621تاريخ الميلاد : 16/01/1988إنضم بتاريخ : 12/09/2011العمر : 36 العمل/الترفيه : عاطل
موضوع: الفاتحة في القانون الجزائري الثلاثاء 25 أكتوبر - 13:55:57
الفاتحة أولا : مفهوم الفاتحة : كما سبق أن قلنا ففي الخطبة تجري عملية تعارف بين عائلتين ، يختلف شكلها من منطقة لأخرى وتتفق، في جوهرها فيما روته كتب السنة من أن الخاطب ينظر لمخطوبته في بيت أهلها بحضور محرم. والخطبة في مجتمعنا الجزائري هي عبارة عن اتفاق يسبق قراءة الفاتحة ويقع غالبا في مجلس المواعدة بالزواج بين والدي الخطيبين أو أوليائهما وينتهي بايجاب وقبول المصاهرة بين العائلتين دون إبرام أي عقد وقد يتوج ذلك الاتفاق بقراءة فاتحة القرآن الكريم للدلالة على أنهما اتفقا مبدئيا عازمين على إبرام عقد الزواج فكأن تلاوتها تدل على أن جميع الإجراءات قد تمت ولم ينازع شأن الأمور الهامشية والشروط التي تكون في شكل إشعار بالعادات والتقاليد للطرفين دون المساس بالأمور الجوهرية، وسواء حضر شهود على ذلك أو لا. وقد جرى العرف على أن تطلق تسمية فاتحة على هذا الاتفاق، وفي الواقع أنها تقرأ للتبرك لا أكثر. وبعض الفقهاء عرفها بأنها عبارة عن مجلس أو اجتماع يحضره عادة ولي الزوجة والزوج أو وكلاؤهما، وجمع من الناس من أقارب الخطيبين وأصدقائهما ومن أعيان الجماعة، وينتهي بإبرام عقد زواج شفهي لصالح الخطيبين يتم فيه تحديد الصداق، تليه قراءة الفاتحة متبوعة ببعض الدعوات للزوجين، وبتقديم الصداق كله أو بعضه في نفس المجلس أحيانا. في قانون الأسرة : المشرع الجزائري نص في المادة 6 على الفاتحة على أنه : "يمكن أن تقترن الخطبة مع الفاتحة أو تسبقها بمدة غير محدودة. تخضع الخطبة والفاتحة لنفس الأحكام المبينة في م 5 أعلاه". فالمشرع أجاز إمكانية إقتران الفاتحة بالخطبة وإمكانية أن تسبق الخطبة الفاتحة بمدة زمنية غير محددة، فهو بذلك جعل الفاتحة منفصلة عن الخطبة أي عن الاتفاق التمهيدي، إذ يصح أن تتأخر الفاتحة إلى ليلة الزفاف مادامت في المرحلة بين الاتفاق المبدئي وعقد الزواج، وأجاز أن تتلى الفاتحة مصاحبة للقاء الخطبة وهي الحالة المعمول بها في الغالب في المجتمع الجزائري.
ثانيا : الطبيعة القانونية للفاتحة : إن الفاتحة بتقديمها أو تأخيرها عن مجلس الخطبة لا يغير القيمة القانونية للوعد بالزواج أي الخطبة، ذلك لأن المشرع الجزائري قد أخضع آثار الفاتحة إلى نص المادة 5 الفقرة الأولى كما نص على ذلك في المادة 6. بمعنى أن الفاتحة والخطبة لهما على السواء حكم واحد، وهو أن كل منهما يعتبر قانونا وعد بالزواج وينتج عنه أنه يمكن لكل واحد من الخطيبين أن يتراجع عن وعده ويعدل عنه في أي وقت شاء قبل إبرام عق الزواج بصفة رسمية أمام الموظف المختص والمكلف قانونا بتحرير عقود الزواج في البلدية أو الموثق أو المحكمة. وبالطبع ينتج على العدول عن الفاتحة ما ينتج عن العدول عن الخطبة، وما يتعلق بالتعويض عما يمكن أن يصيب الطرف الآخر من ضرر يمكن أن يترتب عن العدول عن الفاتحة. ثالثا : أثر إقتران الفاتحة بالخطبة : لقد سوى قانون الأسرة بين الخطبة والفاتحة وأجاز إقترانهما معا، ولكن سواء أكانتا مقترنتين أو متفرقتين وسواء أكانتا متحدتين، من حيث عناصرهما وآثارهما أو مختلفتين فإنهما لايرتقيان إلى درجة العقد في نظر قانون الأسرة ومادامتا كذلك فإن العدول أو الرجوع عنهما ممكن، وأنه إذا ترتب ضرر مادي أو معنوي لأحد الطرفين المتخاطبين نتيجة للعدول بعد الفاتحة أو الخطبة جاز الحكم بالتعويض للطرف المتضرر، وهذا هو إذن وجه إخضاع كل من الخطبة والفاتحة إلى أحكام واحدة هي أحكام المادة 5 رغم ما قد يبدو من اختلاف بينهما. لكن هناك من يعتبر الفاتحة بأنها تلك الصيغة التي تتم بها وهي : "زوجني ابنتك فلانة على صداق قدره كذا"، و "زوجتك إياها" أو : زوجت موكلك ابنتي أو موكلتي على مهر قدره كذا"، ولكن من باب تسمية الأصل بالفرع أو الكل بالجزء صار يطلق على العقد الذي تقرأ فيه الفاتحة بالفاتحة ، ألا تعد هنا عقدا شرعيا؟ إذن كان على المشرع الجزائري أن يراعي ما تعارف عليه المجتمع الجزائري من عادات وتقاليد ففي الكثير من المناطق تعتبر الفاتحة عقد شرعي إذ تتم بحضور الخاطب أو من ينوبه من ولي، أو وكيل، وولي المخطوبة إلى المسجد ومعهم جمع غفير من الرجال بينهم من نفقة في أمر الدين ويتم في هذا المحضر التزويج، ذلك لأن الصفة التي يتم بها التخاطب بين كل من ولي الخاطب والمخطوبة هي صفة الزواج لا الخطبة مع تعيين المهر، وبعدها يقرؤون الفاتحة ويدعون للزوجين وفقا لما جاءت به السنة النبوية الشريفة. فهي في الواقع عقد زواج شرعي مرتب لجميع الآثار والأحكام حيث به تصير المخطوبة زوجة والخاطب يصير زوجا وإن توفي أحدهما قبل الدخول ورثه الثاني واعتدت المرأة عدة وفاة من توفي عنها زوجها. وثبت لها النصف الثاني من المهر عند المالكية، كما أنه لا يحق لها أن تتزوج إلا بعد طلاق. فالاشكال يبقى مطروح أمام القضاء فهل يطبق القاضي القانون الذي يعتبرها مجرد وعد ولا ترقى إلى مستوى العقد أو أنه يعتبرها عقدا مادامت شروط العقد التي نص عليها القانون متوفرة، لذلك يجب رفع الالتباس المنصوص عليه في هذه المادة وجعل الفاتحة التي تتم في شكل عقد الزواج لها نفس أحكامه من حيث الآثار سواء كانت هذه الآثار نسبا أو ميراثا وإذا تمت الفاتحة دون توافر هذه الأركان فإنها تخضع لأحكام المادة 5 من قانون الأسرة. فهذه المادة إذن بحاجة إلى تعديل. وبالرجوع إلى قضاء المحكمة العليا نجده يعتبر الفاتحة التي تتوفر فيها شروط الزواج عقدا شرعيا كما جاء في القرار التالي : "ومن المقرر كذلك أن الأصل في الخطبة وفي غالب الأحيان هي مقدمة للزواج وليست زواجا، غير أنها قد تتجاوز مرحلة إلتماس النكاح إلى النكاح الشرعي وتصبح فعلا زواجا شرعيا إذا واكبها تحديد شروطه وتحققت أركانه، ومن ثم فإن القضاء بما يتفق مع هذا المبدأ يعد قضاء صحيحا". بالنسبة لمشروع التعديل : لقد نصت المادة 6 من التعديل : "إن اقتران الفاتحة بالخطبة لا يعد زواجا. غير أن اقتران الفاتحة بالخطبة بمجلس العقد تعتبر زواجا متى توافرت أركانه و شروطه طبقا لأحكام المادتين 9 و 9 مكرر من هذا القانون". فهذه المادة المعدلة تجيز اقتران الفاتحة بالخطبة من جهة سواء سبقتها أو صاحبتها، و من جهة أخرى اعتبرت أن هذا الاقتران ليس عقدا. و منه نستشف أن الخطبة يعتبرها أصحاب التعديل و عدا بالزواج و كذلك الفاتحة و يخضعهما لحكم المادة الخامسة من حيث العدول عنهما و آثاره و ذلك نفهمه بمفهوم المخالفة فهذه المادة نصت على أن اقتران الفاتحة بالخطبة لا يعد زواجا بل يعد وعدا بالزواج فقط و هي القاعدة العامة. و بالنسبة للفقرة الثانية فنصت على أنه كاستثناء من القاعدة العامة فإن اقتران الخطبة بالفاتحة يعتبر عقد شرعي و ذلك إذا توافرت أركان الزواج المحددة قانونا في المادتين 9 و 9 مكرر من هذا القانون و هي الولي و الشاهدين و الرضا و الصداق و أهلية الزواج و انتقاء الموانع الشرعية حسب المشروع. فأصحاب التعديل يكونوا بذلك قد حذو حذوَ المحكمة العليا التي قضت في عدة قرارات بأن الفاتحة إن اقترنت بالخطبة فهي تتجاوز مرحلة الوعد بالزواج إلى الزواج الشرعي إذا ما توفرت أركانه و شروطه. و مجمل القول أن المادة السادسة في مشروع التعديل تضمنت قاعدة عامة و استثناء و بذلك تكون قد حلت مشكلا كان قائما منذ زمن و هو اعتبار الفاتحة المقترنة بالخطبة وعدا بالزواج رغم توافر شروط الزواج و بذلك زال هذا الإشكال.