بلدية فركان
بحث  جريمة الغش الضريبي 10378110
بلدية فركان
بحث  جريمة الغش الضريبي 10378110
بلدية فركان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بلدية فركان

بلدية فركان
 
الرئيسيةTWEETERأحدث الصورالتسجيلدخول
المواضيع الأخيرة
» METHODE FERKANE
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأربعاء 27 نوفمبر - 17:19:16 من طرف يوسف

» اين انتم ي جمعية اولياء التلاميذ
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالإثنين 1 يوليو - 17:31:43 من طرف admin

» فوز مرسي بـ51 ألفًا و526 صوتًا مقابل 12 ألفًا و385 لشفيق
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالإثنين 18 يونيو - 5:54:30 من طرف admin

» فوز ونجاح مرسي بالانتخابات .مصر الاثنين 18 جوان 2012
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالإثنين 18 يونيو - 5:47:55 من طرف admin

»  تعريف الطابعة pilote. driver epson cx3900
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالثلاثاء 29 مايو - 21:58:41 من طرف admin

» طلبة جامعة تلمسان أين حدثت كارثة الانفجار.. وزير الداخلية
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالإثنين 28 مايو - 21:34:58 من طرف admin

» ماذا تطلب لويزة حنون خطير....جدا
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالثلاثاء 22 مايو - 21:16:33 من طرف admin

» "سرار‮: "‬المدينة التي‮ ‬لم تمنحني‮ ‬مقعدا في‮ ‬البرلمان
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالإثنين 21 مايو - 17:36:18 من طرف admin

» بعد وفاة وردة الجزائرية
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالإثنين 21 مايو - 17:33:11 من طرف admin

» كل مذكرات تخرج قانون الاسرة
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالإثنين 21 مايو - 16:24:09 من طرف منتدى فركان

» دائرة الشــــريعـــة وما أدراك مـــــا الشريعة ولايـــــة تبسة
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالإثنين 21 مايو - 15:54:56 من طرف منتدى فركان

» أهلين وسهلين
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالإثنين 21 مايو - 15:51:25 من طرف منتدى فركان

» اسئلة مقياس طرق التنفيذ
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالجمعة 18 مايو - 23:38:27 من طرف admin

» تفسير الاخلام حسب الحروف
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 17 مايو - 21:26:30 من طرف admin

» هل تستطيع برمجة عقلك جرب اذن
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 17 مايو - 21:22:00 من طرف admin

» اسرار عن المرأة والرجل ,,,,, وفهم العلاقة بينهم
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 17 مايو - 21:18:06 من طرف admin

» بحث كامل عن الضبط الإداري 2012
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 17 مايو - 1:10:48 من طرف admin

» تحميل قانون الاحزاب السياسية الجزائري الجديد 2012
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأربعاء 16 مايو - 19:07:53 من طرف admin

» كتاب طبخ وفقا لطرقة السيدة رزقي
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأربعاء 16 مايو - 1:07:29 من طرف admin

» الجزائر تعلن نتائج الانتخابات البرلمانية الجمعة
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالسبت 12 مايو - 5:17:56 من طرف admin

» نتائج الانتخابات التشريعية الجزائري
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالجمعة 11 مايو - 12:57:49 من طرف admin

» فتح الستار على bmw x6 2013 وهادي صورها
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 10 مايو - 4:58:46 من طرف admin

»  iPhone 5 تعرف على
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأربعاء 9 مايو - 2:37:34 من طرف admin

» جرحى في‮ ‬اشتباكات بــين أنـصار الأرندي‮ ‬والأفـلان بالأسـلحة البــيضاء
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأربعاء 25 أبريل - 2:14:13 من طرف admin

»  ‮''‬أسلحة من الجيل الثالث في‮ ‬متناول القاعدة وأتباعها‮''
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأربعاء 25 أبريل - 2:11:20 من طرف admin

»  موجة حرّ‮ ‬تصل إلى 34 بالولايات الجزائرية
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأربعاء 25 أبريل - 2:07:21 من طرف admin

» الفخار الصناعة التقليدية الاصيلة
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأحد 22 أبريل - 23:15:43 من طرف admin

» بحث كامل ومهمش اشخاص التفليسة
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأحد 22 أبريل - 0:05:43 من طرف admin

» طريقة المشاركة في المنتدى بالمساهمات والردود
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالسبت 21 أبريل - 3:30:22 من طرف admin

» ريقة ارجاع الفيس بوك الى الشكل القديم
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالسبت 21 أبريل - 0:49:04 من طرف admin

» صور سيارة لعام 2013 Mercedes-Benz C-Class
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالسبت 21 أبريل - 0:37:51 من طرف admin

» السياحة في دبي usa
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالسبت 21 أبريل - 0:23:21 من طرف admin

» حريق يأتي على العشرات من أشجار النخيل بمنطقة " مديلة " ببلدية فركان
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالسبت 21 أبريل - 0:01:03 من طرف admin

» 4 مليار لمشاريع الإنارة العمومية والصرف الصحي بفركان فيفري 2011
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالجمعة 20 أبريل - 23:54:24 من طرف admin

» توقّع إنتاج 150 ألف قنطار من الحبوب في بلدية فركان
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالجمعة 20 أبريل - 23:38:10 من طرف admin

» الرئيس ساركوزي والمهاجرين الجزائريين 2012
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالجمعة 20 أبريل - 22:35:12 من طرف admin

» بوقرة يتوج رسميا زياني ثانيا وبلحاج رابعا
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 19 أبريل - 3:06:12 من طرف admin

» إسبانيول يهين فغولي و فالنسيا برباعية
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 19 أبريل - 3:02:25 من طرف admin

» البايرن يفوز أمام ريال مدريد في نصف نهائي دوري الأبطال
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 19 أبريل - 2:59:47 من طرف admin

» سرقة أحذية رونالدو وبنزيمة وأوزيل في "أليانز أرينا"!
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 19 أبريل - 2:56:25 من طرف admin

» مورينيو يتجاهل خسارة بايرن ويهاجم غوارديولا!
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 19 أبريل - 2:49:44 من طرف admin

» فيديو حصريا للمصارعة 17 ابريل 2012
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 19 أبريل - 2:45:45 من طرف admin

» طريقة تسريع الرام ram بدون بدون برامج....برامج
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأربعاء 18 أبريل - 16:12:48 من طرف admin

» سيريال برنامج 2012 ram saver pro
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأربعاء 18 أبريل - 16:04:43 من طرف admin

» طريقة تسريع الرام ram برنامج RAM Saver Pro 4.5
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأربعاء 18 أبريل - 15:59:21 من طرف admin

» يوم الاحد 15 افريل 2012
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل - 21:22:54 من طرف admin

» اعرف قوة جهازك وقدرة la ram بنقرتين
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل - 20:33:05 من طرف admin

» بحث الحكم المعلن لشهر الافلاس خصائصه وطبيعته
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالجمعة 13 أبريل - 17:21:01 من طرف admin

» نقصان العقل والدين عند النساء
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالجمعة 13 أبريل - 1:49:38 من طرف admin

» فتوى بذل المال لتغيير الوظيفة
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالجمعة 13 أبريل - 0:37:56 من طرف admin

» طريقة غلق حساب شخص متوفي على الفيسبوك
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 12 أبريل - 22:34:54 من طرف admin

» صور ولاية ادرار طبيعة الرمال جميلة
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 12 أبريل - 18:55:49 من طرف admin

» صور من مختلف ولايات الجزائر روعة ومضحكة
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 12 أبريل - 18:47:38 من طرف admin

» صحراء الجزائر
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 12 أبريل - 18:35:08 من طرف admin

» حزب إسلامي يرفض دعوة للتحالف
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 12 أبريل - 0:41:30 من طرف admin

» طليقة القرضاوي تنافس في الانتخابات الجزائرية
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالخميس 12 أبريل - 0:27:39 من طرف admin

» انشودة مولاي قد نامت عيون جميلة
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأربعاء 11 أبريل - 0:46:07 من طرف admin

» جميع محاضرات الافاس والتسوية القضائية 2012
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالأحد 8 أبريل - 22:21:54 من طرف admin

» بحث التطليق في قانون الاسرة الجزائري
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالسبت 7 أبريل - 23:47:51 من طرف admin

» بحث كيفية وطريقة شهر الافلاس في القانون التجاري الجزائري
بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالسبت 7 أبريل - 23:39:11 من طرف admin


 

 بحث جريمة الغش الضريبي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
admin
Admin
admin


الجزائر
ذكر
عدد المساهمات : 537
نقاط : 1621
تاريخ الميلاد : 16/01/1988
إنضم بتاريخ : 12/09/2011
العمر : 36
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : عاطل

بحث  جريمة الغش الضريبي Empty
مُساهمةموضوع: بحث جريمة الغش الضريبي   بحث  جريمة الغش الضريبي I_icon_minitimeالإثنين 24 أكتوبر - 12:00:05

مقــدمـــــــــة



إن البحث الحثيث للدولة عن وسيلة تمويلية تتميز بالاستقرار و الدوام و تكون عنصرا هاما مـن عناصر ماليتها أدى إلى الاهتمام بالضريبة التي أصبحت من أهم الموارد المستقرة و الدائمة المعتمدة في تغطية نفقات الدولة , و يظهر ذلك جليا من خلال ما تنشؤه التشريعات الضريبية من التزامات على عاتق المكلفين بالضريبة و ما ترتبه بالمقابل من جزاءات على الإخلال بهذه الالتزامات .

و منذ أن نشأ الالتزام بدفع الضريبة على عاتق المكلف عرف التملص منها و التحايل في آدائها شأنه في ذلك شأن الجريمة بمفهومها القانوني إذ عرفت منذ أن وجد القانون، حيث كان الحاكم في الماضي يلزم و يجبر محكوميه على دفع الضريبة في عدة أشكال تختلف باختلاف طبقات المجتمع ، و قد كان يحصلها لحسابه الخاص فيختلط ماله بالمال العام مما يؤدي إلى شعور الأفراد بأن الضرائب لا تفرض عليهم بغية تحقيق المصلحة العامة و أنها ليست إلا مظهرا من مظاهر الظلم الذي يجب عليه مقاومته عن طريق التمرد أو تجاهل قواعد الضريبة ، و ظل هذا الاعتقاد متسلطا على المكلفين على الرغم من تغير النظم السياسية و تطور النظام الدستوري للدولة .

و قد أدى التوسع في فرض الضرائب بسبب التوسع في المشاريع الذي صاحب ظهور النظريات الاقتصادية الحديثة إلى عدم تمكين الأفراد من الادخار الخاص فشعروا إذ ذاك بالخطر يحف بأموالهم فتمردوا على قوانين الضرائب و لجؤوا إلى ممارسة الغش اعتقادا منهم بأن ذلك ليس إلا نوعا من الدفاع الشرعي ضد مغالاة الدولة في فرض الضريبة. وساهم في ذلك تفضيلهم للمنفعـة القريبة في صورة المال الموجـود بين أيديهم على انتظار المنفعة البعيدة التي ستعود عليهم نتيجة التوسع في المشاريع الممـولة من الضريبـــــة وشعورهم بالمصلحة والملكية الخاصـتين الـذي يفوق كثيرا الشعور بالخدمات و المرفق العامين [1]، واعتقادهم أن الضريبة اقتطاع مالي دون مقابل و بالتالي هي وسيلة تعســف على أملاك الأفراد .

ورغم ما تولده هذه الدوافع من قوى كامنة في نفس المكلف بهدف التملص من أداء الضريبة إلا أن ذلك لم يكن ليحصل بالحجم الحالي لولا إتحاد عوامل أخرى تنطوي أساسا على تعقيد التشريعات الجبائية و عدم استقرارها , فضلا عن ابتعادها على مبدأ العدالة الضريبية من جهة و محدودية الإمكانيات المتاحة للإدارة الجبائية و ما ينجر عن ذلك من ضعف في فعالية الرقابة التي تضطلع بها من جهة أخرى .

هذه العوامل و غيرها مما لا يتسع المجال لتناولها بالتفصيل ساهمت إلى حد بعيد في تمكين المكلفين بالضريبة من التخلص من عبء أدائها عن طريق الاحتيال ،و الإخلال بالالتزامات المتمثلة أساسا في الالتزامات الجبائية كوجوب التصريح بالوجود خلال 30 يوما من بداية النشاط و التصريح بنتائجه قبل 01 أفريل من كل سنة مالية مرفقا بالوثائق المبررة ، بالإضافة إلى الالتزامات المحاسبية المتعلقة أساسا بمسك الدفاتر و الاحتفاظ بها لمدة 10 سنوات ، و ينطوي ذلك على سلوك مجرم يتمثل في الغش الضريبي .

و قبل الخوض في دراسة الغش الضريبي يجب التمييز بينه و بين التهرب الضريبي إذ يتفق أغلب الفقه على أن التهرب الضريبي يعني التخلص من عبء الضريبة كليا أو جزئيا دون مخالفة القانون [2] , و يتحقق بعدم قيام الفرد بالعمل الذي من شأنه أن يؤدي إلى حصول الواقعة المنشأة للضريبة كأن يمتنع عن زيادة دخله إلى حد معين حتى لا يخضع للضريبة التصاعدية , أو باتخاذ موقف إيجابي و ذلك باستغلال الثغرات والنقائص التي تكتنف النصوص الجبائية دون خرق قواعدها, كأن تلجأ الشركة إلى توزيع أرباحها في صورة أسهم تصدرها بدلا من النقود متى كان القانون يقرر استحقاق الضريبة عند توزيع أرباح الشركة على المساهمين نقدا , أو كأن يهب المورث أمواله إلى ورثته خلال حياته حتى ينالوا تركته خالصة من الضريبة .

أما الغش الضريبي فيرى بعض الفقه أنه يتمثل في كل الحركات المادية و العمليات القانونية و المحاسبية و كل الوسائل و الترتيبات التي يلجأ إليها المكلف أو الغير بهدف التخلص من دفع الضرائب و المساهمات [3] , ويعرفه البعض الآخر أنه خرق القانون الجبائي بهدف التهرب من فرض مادة الضريبة و تخفيض أساس تقديرها [4] .

و تتفق كل النصوص الضريبية على تعريف الغش الضريبي كالآتي : استعمال طرق احتيالية للتملص أو محاولة التملص كليا أو جزئيا من تصفية أو من دفع الضرائب و الرسوم المفروضة .

و إذا كان التهرب الضريبي حسب مفهومه السابق لا يشكل جرما و لا يترتب عليه بالنتيجة أي جـزاء فإن الغش الضريبي على خلاف ذلك ينطوي على سلوك مجرم يستوجب متابعته و قمعه , و اعتبارا لذلك و نظرا لأهمية الضريبة و مركزها في ميزانية الدولة خاصة مع اتساع مجال الاستثمار في بلادنا و ما يدره بالضرورة من مداخيل جبائية هي معرضة أكثر من أي وقت مضى للإفلات و التخلص من أدائها , و نظرا لما تشكله جريمة الغش الضريبي من تهديد للأمن الاقتصادي و ما تتميز به من أحكام قانونية خاصة من حيث متابعتها و قمعها ارتأينا تناول هذا الموضوع بالدراسة القانونية في شقها الجزائي دون إغفال بعض المسائل التقنية الجبائية التي تفرضها ضرورة توضيح المسائل الجزائية العامة وقد اعتمدنا في ذلك أساسا على تحليل النصوص القانونية من خلال التعرض للإشكاليات التالية :

- ما مضمون أركان جريمة الغش الضريبي ؟

- ما هي طرق الكشف عن هذه الجريمة و ما هي إجراءات متابعتها ؟

- ما مضمون و مقدار الجزاء المقرر لقمع جريمة الغش الضريبي ؟

- ما مدى فعالية سياسة التجريم في ردع الغش الضريبي و هل هي كفيلة وحدها بذلك ؟

للإجابة على هذه الإشكاليات قسمنا الموضوع إلى فصلين تناولنا في الأول تفصيل أركان جريمة الغش الضريبي و من البديهي بعد إثبات أركانها أن نخصص الفصل الثاني إلى قمع هذه الجريمة و ذلك وفق الخطة الآتي بيانها :



الفصل الأول أركان جريمة الغش الضريبي

المبحث الأول : الركن المادي

المطلب الأول : استعمال طرق احتيالية

الفرع الأول : التحايل المادي

الفرع الثاني : التحايل المحاسبي

الفرع الثالث : التحايل القانوني

المطلب الثاني : التملص من الضريبة

الفرع الأول : التملص الكلي أو الجزئي من تصفية الضريبة

الفرع الثاني : التملص الكلي أو الجزئي من أداء الضريبة

المطلب الثالث : العلاقة السببية بين استعمال طرق الاحتيال

والتملص من الضريبة

المطلب الرابع : المحاولة في جريمة الغش الضريبي

المبحث الثاني : الركـن المعنــــــوي

المطلب الأول : القصد الجنائي العـام

المطلب الثاني : القصد الجنائي الخاص

الفصل الثاني : قمع جريمة الغش الضريبي

المبحث الأول : معاينة جريمة الغش الضريبي و متابعتها

المطلب الأول : معاينـــــة الجريمــــــة

الفرع الأول : الأشخاص المؤهلين لمعاينة الجريمة و صلاحياتهـم

الفرع الثاني : سلطات إدارة الضرائب في الكشف عن أعمال الغش

المطلب الثاني : متابعـــــة الجريمــــــة

الفرع الأول : آلية تحريك الدعوى العمومية

الفرع الثاني : الجهة القضائية المختصة محليا بنظر الدعوى العموميـة

الفرع الثالث : المركز القانوني لإدارة الضرائب في الخصومة الجزائية

الفرع الرابع : تقادم الدعوى العموميـــة

المبحث الثاني : الجـزاء المقرر لجريمة الغش الضريبي

المطلب الأول : الأشخاص الخاضعون للجزاء

الفرع الأول : الفاعل الأصلي

الفرع الثاني : الشريــــك

الفرع الثالث : المسؤول جزائيا عن فعل الغيــر

المطلب الثاني : الجزاءات المقررة لجريمة الغش الضريبي

الفرع الأول : العقوبــات الجزائيــــة

الفرع الثاني : الجزاءات الجبائية و طبيعتها القانونية

الفرع الثالث : سلطة القاضـي في تقدير الجــزاء

المطلب الثالث : تدابيـــر الأمـــــن

الفرع الأول : تدابير الأمن الشخصية

الفرع الثاني : تدابير الأمن العينيــة

خاتمـــــة .















الفصل الأول

أركان جريمة الغش الضريبي

تأخذ المخالفات الضريبية عدة صور إلا أن جميع الضرائب تشترك في صورة واحدة هي الغش الضريبي التي تتضمن بدورها وصفين : الغش الضريبي بصفته جريمة جزائية و الغش الضريبي بصفته مخالفة جبائية بحتة تفرض عليها جزاءات تصدر عن الإدارة و ليس عن القاضي و سنحصر دراستنا كما أسلفنا في الغش الضريبي بصفته جريمة جزائية, و كما هو الحال بالنسبة لجرائم القانون العام تشترط جريمة الغش الضريبي توافر الركنين المادي و المعنوي للجريمة [5] , وقبل التطرق إليهما نشير إلى أن كل القوانين الضريبية في التشريع الجزائري تضمنت تجريم الغش الضريبي و هي :

- المادة 303 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة ( القانون رقم 90/36 المؤرخ في 31/12/1990 المتضمن قانون المالية لسنة 1991 ).

- المادة 532 من الأمر 76/104 المؤرخ في 09/112/1976 المتضمن قانون الضرائب غير المباشرة .

- المادة 117 من قانون الرسوم على رقم الأعمال ( القانون رقم 91/25 المؤرخ في 18/12/1991 المتضمن قانون المالية لسنة 1992 ).

- المادة 119 من الأمر رقم 76/105 المؤرخ في 09/12/1976 المتضمن قانون التسجيل .

- المادة 34 من الأمر 76/103 المؤرخ في 09/12/1976 المتضمن قانون الطابع .









المبحث الأول : الركن المادي

يقتضي قيام الركن المادي لجريمة الغش الضريبي وجود عناصر ثلاثة : سلوك إجرامي في صورة استعمال طرق تدليسية من طرف الجاني , نتيجة هي التملص كليا أو جزئيا من تصفية أو أداء الضريبة و علاقة سببية تربط بينهما بما يفيد أن هذا التملص من الضريبة كان تحت تأثير استعمال طرق التدليس و سنتطرق إلى ذلك تباعا .

المطلب الأول : استعمال طرق احتيالية

على خلاف الفقه فإن المشرع لم يعرف طرق الاحتيال أو التدليس , إذ يرى بعض الفقه أن المقصود بها هو الإخلال بواجب الصدق الذي فرضه القانون على الملتزم بالضريبة في الإقرارات و الأوراق التي يقدمها إلى الإدارة الضريبية [6] و باعتباره أحد الالتزامات المترتبة في ذمة الطرف السلبي ( المكلف بالضريبة ) في العلاقة الضريبية التي تنشأ بمقتضى القانون الضريبي .

و اكتفى المشرع بسرد بعض الأعمال المعتبرة تدليسا و ذلك لصعوبة حصرها و تعذر الإحاطة بكل أساليب الاحتيال و التدليس , حيث ذكرت المادة 533 من قانون الضرائب غير المباشرة ستة أعمال اعتبرها طرقا احتيالية و هو نفس العدد الذي أوردته المادة 118 من قانون الرسوم على رقم الأعمال كما أوردت المادة 193 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة خمسة أعمال اعتبرتها من أعمال الغش في حين اكتفت المادة 407 من نفس القانون و المادة 34 من قانون الطابع و المادة 119 من قانون التسجيل بذكر عملين و أدرجتهما ضمن المناورات التدليسية .

و بالرجوع إلى النصوص السالفة الذكر نجدها تستعمل عدة صيغ قبل أو خلال بيان أو تعداد الأعمال المعتبرة طرق احتيالية أو تدليسية و مثال ذلك صيغة "....و تعتبر على وجه الخصوص ...." ، " ....و يقصد بأعمال الغش خاصة .... " , ".... طرق أخرى ...." "كل عمل أو طريقة أو سلوك ..." و هو ما يؤكد أن ما أتت على ذكره هذه النصوص من طرق احتيالية ورد على سبيل المثال لا على سبيل الحصر .

و بوجه عام يمكن إدراج هذه الطرق التدليسية - المنصوص عليها في مختلف القوانين الضريبية و الأخرى غير المشار إليها مما يمكن أن يشكل تدليسا - ضمن أصناف ثلاثة إذ أنها تنطوي على تحايل مادي، أو محاسبي, و إما تكون في شكل تحايل قانوني و نبين ذلك فيما يأتي .

الفرع الأول : التحايل المادي

تتم هذه الصورة من التحايل عن طريق إخفاء المكلف بالضريبة للسلع و المنتوجات و المواد الخاضعة في الواقع للضريبة ، و جعلها بعيدا عن مراقبة إدارة الضرائب . و قد نص المشرع على هذه الصورة ضمن أغلب القوانين الضريبية إذ ذكرت المواد : 193/01 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة ، 533/01 من قانون الضرائب غير المباشرة و المادة 118/01 من قانون الرسوم على رقم الأعمال أن الإخفاء من قبل أي شخص لمنتوجات تطبق عليها الضرائب أو الرسوم يعد من قبيل طرق الاحتيال

و قد يكون الإخفاء جزئيا أو كليا و نبين ذلك فيما يلي .

أولا : الإخفاء الجزئي

ينطوي الإخفاء الجزئي على اتجاه نية المكلف إلى التخفيض من عبء الضريبة دون التخلص منها كليا ، و يتحقق ذلك بحرصه على إعلان قيمة أقل من القيمة الحقيقية للمادة الخاضعة للضريبة تهربا من دفعها جزئيا كما لو كان يمارس نشاطات ثانوية خفية غير مصرح بوجودها أصلا إلى جانب النشاط الرئيسي للمؤسسة المصرح به وبنتائجه أو الإنتاج بمقاييس مخالفة أو تفوق المقاييس المحددة مسبقا .

ثانيا : الإخفاء الكلي

يحدث هذا الإخفاء عندما يسعى المكلف إلى التملص كليا من دفع الضريبة مستغلا في ذلك نقص الرقابة من طرف الإدارة الجبائية حيث يقوم بإنشاء وحدات و إقامة مصانع صغيرة في مناطق آهلة بالسكان و كذا محلات لإيداع البضائع و هناك يتم الإنتاج و البيع دون فوتره من غير ترك أي أثر لذلك و هو ما يعبر عنه قانونا بعدم التصريح بالنشاط أو الوجود .

و يساهم هذا النوع من التحايل بطريقة مباشرة في إرساء اقتصاد خفي غير شرعي في ظروف سرية من خلال السوق السوداء ، و يرجع ذلك لغياب الرقابة الجبائية في مواجهة هذا النوع من الغش نظرا لما يعترض الإدارة من صعوبات في إخضاع التبادلات التي تتم في السوق السوداء للضريبة .

كما يعد من قبيل الاحتيال قيام المكلف - عن طريق أي وسيلة كانت – بعرقلة الأعوان المؤهلين لإثبات المخالفات للأحكام القانونية أو التنظيمية و جعلهم غير قادرين على تأدية مهامهم , و على الرغم من نص المادة 533 /05 من قانون الضرائب غير المباشرة على هذه الصورة بمناسبة تعدادها لبعض طرق الاحتيال و حصرها في مجال الضرائب غير المباشرة إلا أن الجدير بالذكر أن قانون الرسوم على رقم الأعمال أفرد لهذه الصورة حكما خاصا حين أشارت المادة 122 منه على أنه يعاقب بغرامة جبائية من 1.000 إلى 10.000 د ج كل من يجعل الأعوان المؤهلين لمعاينة المخالفات المتعلقة بالتشريع الجبائي في وضع يستحيل عليهم فيه أداء وظائفهم دون الإخلال بالعقوبات الأخرى المنصوص عليها في النصوص الأخرى متى أمكن تقدير أهمية التدليس .

فالواضح أن كلا النصين تناول هذه الحالة لكن بأحكام متباينة و غير منسجمة حيث تعتبر صراحة من طرق الاحتيال في مفهوم قانون الضرائب غير المباشرة بينما لا تعد كذلك في قانون الرسوم على رقم الأعمال ولا تسري عليها أحكام الغش إلا إذا أمكن تقدير أهمية التدليس .

الفرع الثاني : التحايل المحاسبي

ينطوي التحايل المحاسبي على إخلال المكلف بالضريبة بالالتزامات الجبائية و المحاسبية المترتبة في ذمته بمقتضى العلاقة الضريبية , إذ يجبر القانون الجبائي المكلف بالضريبة على التصريح بوجود نشاط ممارس و عليه أن يقدم لإدارة الضرائب - وفقا للقانون- التصريحات التي توضح نتائج نشاطه خلال كل سنة مالية مدعما ذلك بوثائق ثبوتية كالفواتير و السجلات المحاسبية ( دفتر اليومية , دفتر الجرد ... الخ ) التي يـلتزم بمسكها ضمن محـاسبة كاملة و شاملة .

و التحايل المحاسبي هو الأكثر استعمالا حيث يمكن للمكلف بالضريبة أن يزيف في محتوى التصريحات فيسعى إلى إدخال تغيرات في المحاسبة باعتبارها الأساس الذي تنطلق منه الإدارة الجبائية في تحديد الوعاء الضريبي والقيام بالمراقبة ، و يبحث عن مطابقة القيود المحاسبية فيما بينها من جهة و بينها و بين المستندات الثبوتية من جهة أخرى ، إذ يعمل على تبرير الأعباء و إثبات المداخيل المقيدة محاسبيا خلافا للواقع .

ويرى G.MARTINAZ أن ممارسة الغش تمتد من التخفيض التافه لمبالغ المبيعات مرورا بتضخيم التكاليف القابلة للخصم . و عليه يتجسد التحايل المحاسبي في الواقع بقيام المكلف بالضريبة بتضخيم التكاليف أو بتخفيض الإيرادات و عدم التصريح ببعضها عن طريق إنشاء محاسبة صورية .

أولا : تضخيم التكاليف

إن مبالغ الأعباء أو التكاليف تخصم من المداخيل الإجمالية من أجل تحديد قيمة الأرباح الخاضعة للضريبة شرط أن تكون هذه الأعباء متعلقة بممارسة نشاط المؤسسة و مدعمة بوثائق تبريرية ، و أن تكون في إطار الحدود التي وضعها القانون حتى لا يبالغ فيها , غير أن بعض المكلفين يستغلون هذا الحق لإدخال بعض التكاليف التي ليست لها علاقة بنشاطاتهم أو المبالغة في تقدير تلك التي تدخل في نشاطاتهم قصد التخفيض من قيمة الأرباح الخاضعة للضرائب و التي تتناسب طرديا مع قيمة الضريبة ,حيث كلما زادت مبالغ الأرباح الصافية ارتفعت بالنتيجة قيمة الضريبة المحصلة لصالح الخزينة العامة , فضلا عن سعيهم إلى الاستفادة من التخفيضات و الامتيازات الجبائية استنادا إلى وثائق غير صحيحة .

و فضلا عن ذلك أضافت المادتين 193/02 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة و 533 /02 من قانون الضرائب غير المباشرة صورة أخرى تتعلق بتقديم الأوراق غير الصحيحة التي تدعم الطلبات الرامية إلى الإعفاء من الضرائب و الرسوم .

و من بين ما يمكن إدراجه ضمن الوثائق غير الصحيحة أو الخاطئة التي يستند عليها في تضخيم التكاليف الصورية و بالتالي تخفيض قيمة الضريبة أو الإعفاء منها هي تلك الوثائق المثبتة لرواتب ممنوحة لصالح مستخدمين وهميين لا يقومون بأي عمل في مؤسسة المكلف بالضريبة أو أن هذه الرواتب حقيقية لكن مبالغ فيها, كما يمكن أن تتضمن هذه الوثائق أعباء و مصاريف غير مبررة كقيام المؤسسة ببعض الترميمات على المباني الصناعية فيقوم مسيروا المؤسسة بإجراء ترميمات على مبانيهم الخاصة مسجلين إياها ضمن الترميمات الحاصلة في المؤسسـة [7] أو اقتناء قطع للتصليح أو الصيانة و إدراج تكاليفها ضمن أعباء المؤسسة في حين يتم إعادة بيع هذه القطع دون استعمالها و إغفال ذلك في المحاسبة أو قيامهم برحلات سياحية و إدراج مصاريفها ضمن أعباء المؤسسة المتعلقة بالدعاية ، و كذا تضخيم مبالغ الإشهار و تسجيل كل ذلك في محاسبة المؤسسة على أساس أنها أعباء و مصاريف مرتبطة بالاستغلال و ذلك قصد التخفيض قدر المستطاع من الربح الخاضع للضريبة .

كما تجدر الإشارة إلى اعتماد المكلف ضمن محاسبته على تقنية الإهتلاك كأسلوب في تضخيم التكاليف ، و يعرف الإهتلاك بأنه الإثبات الكتابي للنقص التدرجي الذي يصيب الموجودات الثابتة بفعل الزمن أو الاستغلال [8] و يحسب على أساس ثمن شراء الموجودات أو الاستثمارات من مباني و معدات و ذلك بخصم الرسم على القيمة المضافة ( T.V.A ) المرتبطة بعملية الشراء إذا كان قابلا للاسترجاع أي ثمن الشراء خارج الرسم على القيمة المضافة ، إلا أن هذه التقنية تستعمل غالبا خارج القواعد القانونية من طرف بعض المكلفين من أجل تضخيم الأعباء القابلة للخصم و هذا إما عن طريق تطبيق معدلات مرتفعة غير تلك المحددة قانونا قصد تضخيم مخصصات الإهتلاك التي تخصم من قاعدة التأسيس كأن تستهلك آلة معينة بنسبة 10 % لمدة عشر سنوات فتهتلك محاسبيا لمدة أربعة سنوات بنسبة 25 % و إما عن طريق تطبيق تقنية الإهتلاك على أساس ثمن الشراء مضاف إليه الرسم على القيمة المضافة في حين يجب خصم هذا الرسم فيعتمد المكلف على العلاقة التالية [9]:

قسط الإهتلاك = ( ثمن الشراء + T.V.A ) × المعدل

في حين العلاقة الصحيحة هي :

قسط الإهتلاك = ( ثمن الشراء دون T.V.A ) × المعدل

مثال عددي :

ثمن الشراء 2.000.000 ، معدل الإهتلاك 15 % ، T.V.A = 21 %

قيمة الإهتلاك = 2.000.000 × 15 % = 300000

لكن العلاقة الصحيحة تكون خارج الرسم أي :

قيمة الإهتلاك = ( 2.000.000 - ] 2.000.000 × 21 % [ ) × 15 % = 237000

ثانيا : تخفيض الإيرادات

يعتبر عدم التصريح بالمداخيل أو التقليل منها الصورة المثلى لهذه الحالة و قد اعتبرت المادة 118 من قانون الرسوم على رقم الأعمال في فقرتها الرابعة الإغفال عن التصريح بمداخيل المنقولات أو رقم الأعمال أو التصريح الناقص بهما عن قصد أعمال تدليسية و يكون ذلك بعدة أساليب كأن يلجأ المكلف إلى بيع منتجات مؤسسته دون فوترة و هو ما أشارت إليه الفقرة الأولى من المادة 118 السالفة الذكر و ذلك من أجل أن يتفادى المكلف تقييد بعض المبيعات محاسبيا على الإطلاق أو تقييدها بثمن أقل من ثمنها الحقيقي مبررا ذلك بالإفراط في التخفيضات التجارية لزبائنه أو تسجيل العودة الوهمية للبضائع .

كما يلجأ المكلف إلى عدم إجراء التسجيل المحاسبي لبعض الإيرادات الاستثنائية الناتجة عن التنازل عن عناصر الأصول و تلك الناتجة عن بيع النفايات المستخرجة من مواد الصناعة التحويلية و نشاطات البناء .

بالإضافة إلى ذلك فقد ذكرت نفس المادة في فقرتها الثانية أنه تعتبر من أعمال التدليس تقديم وثائق خاطئة أو غير صحيحة إثباتا لطلبات ترمي إلى الحصول إما على تخفيض أو استرجاع الرسم على القيمة المضافة و إما الاستفادة من المزايا الجبائية المنصوص عليها لفائدة بعض الفئات من المدينين بالضريبة ،كالاستفادة غير المشروعة من التخفيضات المطبقة على الأرباح المعاد استثمارها و التي تصل إلى 30 % أو التخفيضات المطبقة على الربح المحقق خلال السنتين الأوليتين للنشاط الممارس من طرف الأشخاص الذين لهم صفة عضو سابق في جيش التحرير الوطني إذ تخفض بنسبة 25 % طبقا للمادة 21 من قانون الضرائب المباشرة .

و فضلا عن الإفلات من الضريبة الذي يحققه المكلف بهذه الأساليب فإن تخفيض إيراداته على هذا النحو يمكنه من الاستفادة من النظام الجزافي الذي يتحدد أساسا حسب رقم الأعمال.

و الملاحظ أن هذه الصورة من الاحتيال لا تقتصر على أصحاب المؤسسات و التجار إنما تنصرف إلى بعض أصحاب المهن الحرة ، إذ يحجم بعضهم عن التصريح بمداخليهم الحقيقية و يكتفون بالتصريح بجزء منها فقط [10] .

و أيا كان الأمر فإن سعي المكلف إلى تضخيم التكاليف أو تخفيض الإيرادات يهدف إلى تخفيض قيمة الأرباح الصافية الخاضعة للضريبة أي التخفيض من الوعاء الضريبي و بالنتيجة حتما التملص من الضريبة .

الفرع الثالث : التحايل القانوني

يعتبر هذا الأسلوب من التحايل الأكثر تنظيما ، و قد عرفه T.BRUNO على أنه الإخفاء القانوني الذي يسميه المدنيون بالتظاهر و هو العملية التي من خلالها يتم خلق وضعية قانونية مخالفة للوضعية القانونية الحقيقية [11] .

و يأخذ التحايل القانوني مظهران ,إما التلاعب في تكييف الحالات القانونية أو الاعتماد على العمليات الوهمية .

أولا : التلاعب في تكييف الحالات القانونية

يقوم المكلف في هذه الحالة بتزييف وضعية قانونية خاضعة للضريبة إلى وضعية أخرى تكون معفاة منها أو خاضعة لضريبة أقل ، كأن يصرح المكلف بأن التصرف الصادر عنه هو هبة غير أنه في الحقيقة عقد بيع و ذلك من أجل التخلص من دفع حقوق التسجيل متسترا بصورية العقد رغم صحته من الناحية القانونية .

كما يعد مرتكبا لجريمة الغش الضريبي من يقوم بتنظيم إعساره خلافا للواقع للحيلولة دون تحصيل الضرائب و الرسـوم المدين بها كأن يسجل جميع ممتلكاته باسم أولاده أو زوجته ، و قد أشارت أغلب النصوص الضريبية إلى اعتبار تنظيم الإعسار من طرق الاحتيال و ذلك بنص المواد : 407/02 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة 118/05 من قانون الرسوم على رقم الأعمال ، 119 من قانون التسجيل و المادة 34 من قانون الطابع .

و فضلا عن ذلك فقد أضاف بعض الفقه صورا أخرى و اعتبرها من قبيل طرق الاحتيال التي تظهر الواقع على غير حقيقته كاصطناع مستند يفيد أن البضائع سلمت للمكلف على سبيل الوديعة فقط في حين أنها سلمت له بمقتضى عقد بيع [12] .

ثانيا : العمليات الوهمية

تتمثل هذه الصورة خاصة في استعمال وثائق و فواتير مزيفة أو صورية ، كأن يمارس الجاني نشاطا تجاري أو صناعيا مستعملا سجلا تجاريا لشخص متوفى أو عديم الأهلية القانونية أو غير موجود أصلا , أو ّأن يقدم المكلف بالضريبة وثائق تجارية تحتوى على عمليات وهمية تبرم مع مؤسسات حقيقية و التي تسترجع مبالغ الرسوم على القيمة المضافة على الأرباح الخاضعة للضريبة الموجودة في الفواتير الوهمية و هو ما يسمح للمكلف الحصول على تعويضات رسوم لم يسبق له دفعها للخزينة العامة ، كما تخفف من حجم الربح الخاضع للضريبة نظرا لما تحمله الفواتير من مبالغ باهضة [13] و قد أدرجت المادة 193/ج ضمن أعمال الغش القيام عمدا بنسيان تقييد أو إجراء قيد غير صحيح أو وهمي في الحسابات التي يتضمنها دفتر اليومية أو الجرد أو الوثائق التي تحل محلها ، كما أشارت إلى ذلك المادة 533/04 من قانون غير المباشر و المادة 118/03 من قانون الرسوم على رقم الأعمال.

و الملاحظ أن كل الطرق المذكورة أعلاه و المعتبرة أعمالا تدليسية تدور حول فكرة إعطاء بيانات غير صحيحة تنطوي على إخفاء مبالغ تسري عليها الضريبة .كما تجدر الإشارة إلى أن إخفاء هذه المبالغ لا يشترط أن يكون نتيجة وقائع ايجابية و إنما قد يتحقق نتيجة وقائع سلبية كإسقاط عناصر الإيرادات أو إغفال قيد المبيعات [14]

المطلب الثاني : التملص من الضريبة

يمثل التملص من الضريبة نتيجة لما يحدثه النشاط الإجرامي من تغيير في العالم الخارجي وذلك من خلال الاعتداء على الحق الذي تحميه القاعدة الجزائية و هو حق الدولة في الحصول على الضريبة , و قد استعملت التقنينات الجبائية للتعبير عن النتيجة في جريمة الغش الضريبي صيغا مختلفة ، ففي نص المادة 303 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة نجد عبارة " التملص من أساس الضرائب أو الرسوم أو تصفيتها أو دفعها " و نفس العبارة جاءت بها المادتين 532 من قانون الضرائب غير المباشرة و كذا نص المادة 117 من قانون الرسوم على رقم الأعمال ، بينما أورد نص المادة 119 من قانون التسجيل عبارة " التخفيض في وعاء الضريبة " و مهما اختلفت هذه الصيغ إلا أنها تتفق في كون الامتناع الكلي أو الجزئي عن دفع الضريبة يمكن أن يحصل في صورتين إما تملص من تصفية الضريبة بما فيها الوعاء الضريبي ، أو من دفعها .

الفرع الأول : التملص الكلي أو الجزئي من تصفية الضريبة

ويقصد به التملص من كل أو جزء من الوعاء الضريبي , عن طريق التهرب من تحديد أساس الضريبة و ربطها , إذ الأصل أن ربط الضريبة هو الذي يحدد المبلغ الذي يلزم المسؤول بأدائه و يتحقق ذلك مثلا حينما يقوم الملزم بالضريبة بإخفاء كل المنتجات الخاضعة للضريبة أو بعضها أو حينما يقدم إقرارا غير صحيح [15] باعتبار أن إدارة الضرائب تتخذ تلك التصريحات أساسا في تحديد الوعاء الضريبي فيتحقق التملص من الضريبة إذا ما أفلحت الطرق الاحتيالية في إدخال الغش على الإدارة الضريبية في ربط الضريبة أو تقرير إعفاء المكلف منها على أساس الكذب الذي يتضمنه .

كما يمكن أن يكون التملص كليا أو جزئيا من تصفية الضريبة و يقصد بتصفية الضريبة إعداد الجداول و الإنذارات و إرسالها إلى الجهة المختصة بتحصيل الضريبة [16].



الفرع الثاني : التملص الكلي أو الجزئي من أداء الضريبة

بعد تصفية الضريبة تسعى إدارة الضرائب إلى تحصيلها إلا أنه كثيرا ما تواجه بمقاومة المكلف بالضريبة في شكل امتناع عن أداء أو دفع ما هو مدين به من ضرائب و رسوم كليا أو اللجوء إلى التخفيف من عبء هذا الالتزام بدفع جزء منها فقط عن طريق الاستفادة من تسهيلات في الدفع دون الوفاء بها.

و يثور التساؤل في هذه الجريمة عما إذا كان يشترط لتمامها أن يؤدي استعمال الطرق الاحتيالية إلى تخلص المكلف من أدائها ما يجب عليه قانونا من ضرائب و رسوم أم يكفي مباشرة إحدى طرق الاحتيال لقيام الجريمة .

الواضح أن كل القوانين الضريبية لا تشترط أن تؤدي مباشرة طرق التدليس أو الاحتيال حتما إلى نتيجة معينة ، و سواء أفلح المكلف في التخلص من مبالغ الضرائب أم لا فإنه لا يفلت من العقاب حتى و لو أبدى استعداده لدفع هذه المبالغ بل حتى لو دفعها ما لم تتنازل إدارة الضرائب عن شكواها.

المطلب الثالث : العلاقة السببية بين استعمال طرق الاحتيال و التملص من الضريبة

لتفادي اللبس تجب الإشارة أولا إلى أنه إذا كانت المتابعة على أساس محاولة الغش الضريبي فإن القانون لا يشترط لقيامها نتيجة معينة و بالضرورة صرف النظر عن وجود علاقة السببية من عدمه .

غير أنه و على خلاف ذلك إذا تمت المتابعة من أجل جريمة الغش الضريبي بوصفها جريمة تامة فإنه يتعين لقيامها أن يتم التملص من الضريبة تحت تأثير طرق الاحتيال التي يباشرها المكلف بالضريبة ، و تعد علاقة السببية متوافرة متى ربطت إدارة الضرائب الضريبة ربطا خطأ بعد اطلاعها على الدفاتر المزورة التي أخفى فيها الجاني بعض المبالغ التي تسري عليها الضريبة ، أو كان إعفاؤه من بعض المبالغ نتيجة لإعساره الصوري المنظم خلافا للواقع ، إلا أن الجريمة تنعدم إذا تخلص الملتزم من الضريبة نتيجة لخطأ ارتكبته الإدارة الضريبية في ربط الضريبة أو في تقرير إعفاء دون تدخل منه .

فإذا انتفت الرابطة السببية بين طرق الاحتيال و التملص من الضريبة وقفت مسؤولية المكلف عند حد الشروع في جريمة الغش الضريبي متى باشرها عن قصد ، و يثار التساؤل حال تداخل الأسباب التي ساهمت في التملص من الضريبة و رغم اختلاف الفقه في ذلك إلا أنه يتضح أن القضاء الجزائري درج على الأخذ بالسبب المباشر و الفوري لحدوث النتيجة .

كما يشدد القضاء على ضرورة قيام علاقة السببية و وجوب بيانها في قرار الإدانة حتى يمكن مراقبة صحة تطبيق القانون و ذلك تحت طائلة النقض [17] .

المطلب الرابع : المحاولة في جريمة الغش الضريبي

إن المحاولة في جريمة الغش الضريبي معاقب عليها بنفس العقوبة المقررة للجريمة التامة وذلك بنص صريح في جميع التقنينات الضريبية ، حيث تنص المادة 303 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة على أنه " يعاقب كل من تملص أو حاول التملص باستعمال طرق تدليسية ... " ولم تفرد للمحاولة عقوبة مستقلة عن الجريمة التامة ، كما تنص المادة 532 من قانون الضرائب غير المباشرة على أنه " يعاقب كل من يستخدم طرقا احتيالية للتملص أو محاولة التملص .... " وبنفس الصيغة جاءت المواد : 117 من قانون الرسوم على رقم الأعمال , 34 من قانون الطابع و المادة 119 من قانون التسجيل .

و المحاولة كما عرفتها المادة 30 من قانون العقوبات هي البدء في تنفيذ أعمال لا لبس فيها تؤدي مباشرة إلى ارتكاب الجريمة إذا لم توقف أو يخب أثرها إلا نتيجة لظروف مستقلة عن إرادة مرتكبها حتى ولو لم يمكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها , وعليه يكفي لقيام الجرم مباشرة المكلف إحدى الطرق التي يمكن اعتبارها من قبيل الاحتيال و ذلك بصرف النظر عن تحقق النتيجة المتمثلة في التملص من الضريبة أو لم تتحقق لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها , و مثال ذلك أن يقدم المكلف تصريحات غير صحيحة مستندا على وثائق محاسبية مزورة من أجل الاستفادة من امتيازات جبائية و إثر قيام إدارة الضرائب بتحقيق جبائي أكتشف أمره فاضطر إلى دفع مبالغ الضريبة الحقيقية الواجب دفعها .

غير أنه يجب التفرقة بين مباشرة أعمال الاحتيال التي تشكل بدءا في التنفيذ و ذلك بتقديم الوثائق المزورة المثبتة لنتائج نشاط المكلف مثلا و بين مجرد إعداد هذه الوثائق المحاسبية دون استظهارها و التحجج بها لدى إدارة الضرائب إذ لا يعدو أن يكون ذلك إلا أعمالا تحضيرية غير معاقب عليها .

و قد استثنت المادتين : 532 من قانون الضرائب غير المباشرة و المادة 119 من قانون التسجيل من تطبيق نفس الأحكام السابقة على محاولة إخفاء المبالغ و المنتوجات الخاضعة للضرائب و الرسوم ما لم تتجاوز قيمة الإخفاء عشر ( 1/10 ) المبلغ الخاضع للضريبة أو مبلغ 10.000دج في مجال الضرائب غير المباشرة أو مبلغ 1000 دج فيما يتعلق بحقوق التسجيل .































المبحث الثاني

الركن المعنوي للجريمة

لا يكفي لقيام الجريمة ارتكاب عمل مادي ينص و يعاقب عليه القانون بل لا بد أن يصدر هذا العمل المادي عن الإرادة الآثمة لدى الجاني أي الإرادة المخالفة للقانون , فالغش الضريبي جريمة عمدية يتطلب قيامها توافر القصد الجنائي , فما لم يثبت توافر هذا القصد فلا جريمة . و فضلا عن القصد الجنائي العام يقتضي قيام هذه الجريمة قصدا جنائيا خاصا نعرضهما فيما يلي .

المطلب الأول : القصد الجنائي العام

إن القصد الجنائي العام يلزم توافره لقيام كافة الجرائم العمدية , و يتمثل في انصراف إرادة الجاني إلى القيام بفعل و هو يعلم أن القانون ينهى عنه أو يمتنع عن إتيان فعل يلزمه القانون القيام به و يفترض ذلك في جريمة الغش الضريبي بعلم المكلف بالضريبة بالطابع غير الشرعي لسلوكه الإيجابي أو السلبي و مع ذلك اتجهت إرادته الحرة غير المعيبة إلى مباشرة أحد الأعمال المعتبرة طرقا احتيالية التي من شأنها أن تؤدي إلى التملص من تصفية الضريبة أو أدائها.

فإذا أخفى المكلف بعض المبالغ التي تسري عليها الضريبة نتيجة لخطأ مادي أو لجهله بقواعد المحاسبة لا يعد القصد متوافرا لديه .

وعلى وجه العموم يتعين أن تتجه إرادة الجاني إلى الاحتيال و إيقاع الإدارة الضريبية في الغلط [18] الذي يتحقق عن طريق الإخفاء أو التدليس و الاحتيال , إذ أن الإغفال أو عدم الإدلاء بالتصريح أو إخفاء جزء من المبالغ المتخذ كقاعدة للضريبة ينبثق حتما عن الإرادة و النية السيئة للمكلف و لا محل للبحث عن تأثير الجهل أو الغلط في القانون استنادا إلى أن عدم السعي نحو العلم به ينطوي على شيء من الإهمال .





المطلب الثاني : القصد الجنائي الخاص

إن القصد الجنائي الخاص في أي جريمة يتمثل في الغاية التي يقصدها الجاني من ارتكاب الجريمة فضلا عن إرادته الواعية المخالفة للقانون الجزائي , و بالرجوع إلى النصوص الجبائية المجرمة لأفعال الغش الضريبي فإننا نستخلص أنها تتفق في وجوب اتجاه قصد الجاني و غايته من مباشرة أعمال الاحتيال إلى التخلص من الضريبة كلها أو بعضها و بالنتيجة حرمان إدارة الضرائب من الحصول على حقها في الضريبة , و هو ما يعبر كذلك عن رغبة المكلف في الإثراء غير المشروع باستعمال و مباشرة طرق احتيالية تؤدي بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى التملص من الضريبة .

و الجدير بالذكر أن الغاية من ارتكاب جريمة الغش الضريبي لا يكون دائما هو الرغبة في الإثراء غير المشروع على النحو السابق بيانه و هو ما يستخلص مما ذهبت إليه الغرفة الجنائية الفرنسية حيث أدانت أستاذ مطبق بكلية الحقوق بسبب امتناعه عن تسديد الضريبة الواجبة عليه لأسباب إيديولوجية [19] .

و يقع عبء إثبات الركن المعنوي على عاتق إدارة الضرائب و النيابة العامة كما يتعين على قاضي الحكم في حالة الإدانة بجريمة الغش الضريبي إبراز الركن المعنوي و إلا كان حكمه مشوبا بالقصور في التسبيب .

و تقام البينة على توافر سوء النية لدى الجاني في غياب الإقرار انطلاقا من الظــــروف و الوقائع التي تحيط بالجرم , إذ يمكن على سبيل المثال استخلاص سوء نية المكلف في حالة معاينة مخالفات مستندة على محاسبة غير صحيحة أو مزورة من كون المكلف بالضريبة المخالف متمرسا و ذو دراية و خبرة في هذا المجال .

كما يمكن اعتبار عدم استجابة المكلف بالضريبة للإنذارات الموجهة له من قبل إدارة الضرائب قرينة بسيطة على سوء نية الجاني, حيث أشارت الفقرة الثالثة من المادة 141 من قانون الرسوم على رقم الأعمال إلى أنه تكمن العناصر المثبتة لحسن نية المدين بالضريبــة في حرصه على مواعيد أداء التزاماته الجبائية و كذا في الجهود التي يبذلها لتسديد دينه الجبائي .

و الملاحظ أن قوة هذه القرائن تختلف حسب الظروف المحيطة و الطرق الاحتيالية المستعملة , فمن لا يستجيب للإنذارات الموجهة له في المثال السابق لا تقوم ضده قرينة على ارتكابه الجرم بنفس قوة القرينة القائمة ضد من يعمل على إنشاء فروع خفية تابعة للشركة و تسويق منتوجها دون إدراجه في محاسبته , كما تساهم قيمة المبالغ المتملص منها في إثبات سوء نية المكلف إذ أنه كلما كانت المبالغ المتملص منها ضخمة يفترض علم الجاني بالجرم وسوء نيته.































الفصـــل الثــــاني

قمع جريمــة الغش الضريبـــــي

ينطوي قمع الجريمة على إجراءات متابعتها و الجزاءات المقررة لردعها ، و تنفرد جريمة الغش الضريبي عن جرائم القانون العام ببعض إجراءات المتابعة الخاصة و المتميزة كما يتسع مضمون الجزاء ليشمل جزاءات متعددة و متباينة الطبيعة .

و تتفق مجمل النصوص الضريبية من حيث إجراءات المتابعة و الجزاءات المقررة لجريمة الغش الضريبي ، و سنحاول عرض ذلك تباعا على أن تستثنى من تطبيق هذه الأحكام المخالفات المتعلقة بالضرائب غير المباشرة التي تقبض كما هو الشأن في مادة الجمارك طبقا لنصي المادتين 556 و 570 من قانون الضرائب غير المباشرة و المخالفات المتعلقة بالرسم على القيمة المضافة المرتكبة بمناسبة الاستيراد و التصدير طبقا لمقتضيات المادة 150 من قانون الرسوم على رقم الأعمال , حيث تتخذ الملاحقات بشأنها وتصدر الأحكام فيها كما هو الحال في مجال المخالفات الجمركية.

المبحث الأول : معاينة جريمة الغش الضريبي و متابعتها

سنتطرق إلى معاينة الجريمة ثم متابعتها ، و في خضم ذلك نعرض خصوصيات جريمة الغش الضريبي من حيث الإثبات و المتابعة .

المطلب الأول : معاينــة الجريمـــة

إن معاينة جريمة الغش الضريبي تختلف – نظرا لطبيعتها و أساليب ارتكابها – عن معاينة غيرها من جرائم القانون العام من حيث الأشخاص المؤهلين لذلك و الصلاحيات المخولة لهم و بعد التطرق لذلك فيما يلي سنتناول بالدراسة الدور الهام و الرئيسي الذي تضطلع به إدارة الضرائب في الكشف عن الأعمال المشوبة بالغش .

الفرع الأول : الأشخاص المؤهلين لمعاينة الجريمة و صلاحياتهم

لقد أشارت مجمل النصوص الضريبية إلى الأشخاص المؤهلين لمعاينة المخالفات الضريبية بصفة عامة و بينت الصلاحيات المخولة لهم من أجل ذلك .

أولا : الأشخاص المؤهلين لمعاينة الجريمة [20]

ما يلفت الانتباه بالنسبة لهذه المسألة هو عدم انسجام النصوص الضريبية ، فقائمة الأشخاص المؤهلين تختلف من نص لآخر ، و في هذا الصدد يمكن تصنيف النصوص الضريبية إلى ثلاثة :

- قانوني الضرائب غير المباشرة و الطابع : حصر هذان النصان صلاحية إثبات الغش الضريبي في أعوان الضرائب المفوضين و المحلفين قانونا دون سواهم و ذلك بنص المادتين 504 من قانون الضرائب غير المباشرة و 24 من قانون الطابع .

- قانون الرسم على رقم الأعمال : وسع هذا النص من قائمة الأشخاص المؤهلين لإثبات المخالفات لهذا القانون بحيث تشمل ضباط الشرطة القضائية و أعوان إدارة الضرائب المختلفة و أعوان الضرائب المباشرة و التسجيل و أعوان الجمارك و أعوان قمع الغش و الجرائم الاقتصادية و ذلك حسب المادة 112 منه.

- قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة و قانون التسجيل : لم تعين هذه النصوص الأشخاص المؤهلين لإثبات المخالفات لهذه القوانين.

و يثور التساؤل بالنسبة لهذه القوانين حول ما إذا كان من حق ضباط الشرطة القضائية إثبات الغش الضريبي على غرار ما هو معمول به في قانون الرسم على رقم الأعمال أم أن الإثبات يبقى محصورا في أعوان الضرائب كما هو ساري في قانون الضرائب غير المباشرة و الطابع و من ثمة لا يجوز لضباط الشرطة القضائية إثبات هذا النوع من المخالفات .

يكون الجواب بجواز الإثبات إذا انطلقنا من قاعدة أن الشرطة القضائية صاحبة الاختصاص العام في إثبات الجرائم بحيث تكون من صلاحياتها البحث و جمع الاستدلالات في كل الجرائم ما لم يستبعد بنص صريح ,و يكون الجواب بعدم الجواز إذا نظرنا إلى خصوصيات هذا النوع من الجرائم التي تهم بالدرجة الأولى وعاء الضريبة التي تختص بها إدارة الضرائب دون سواها ، فيكون ذلك من طبيعة الأمور أن تختص دون غيرها بإثبات الجرائم المتعلقة بها طالما أنها الجهة المؤهلة لاكتشافها .

و مع ذلك فالرأي الراجح هو أنه طالما لا يوجد نص صريح يستثني ضباط الشرطة القضائية من إثبات هذه الجرائم فمن حقهم إثباتها على أن يحيلوا محاضر الإثبات إلى إدارة الضرائب المختصة دون سواها بتحريك الدعوى العمومية .

ثانيا : صلاحيات الأشخاص المؤهلين لإثبات الجريمة

لقد خول المشرع للأشخاص المؤهلين لإثبات جريمة الغش الضريبي السالف ذكرهم بصفة عامة صلاحيات عدة و ذلك من أجل قيامهم بالبحث و الكشف عن هذه الجريمة و مرتكبيها و جمع الاستدلالات التي تلزم التحقيق فيها ,و لعل أهم هذه الصلاحيات هو تحرير محاضر لإثبات المخالفات طبقا لما هو منصوص عليه بالمواد 505 ، 506 ، 507 508 من قانون الضرائب غير المباشرة و المادة 112 من قانون الرسوم على رقم الأعمال .

و الملاحظ أن النصوص الضريبية لم تتعرض إلى الإجراءات و البيانات الشكلية الواجب توافرها في محاضر المعاينة باستثناء نص المادة 506 من قانون الضرائب غير المباشرة حيث جاء فيه أنه يذكر في المحضر :

- تاريخ تحرير المحضر و نوع المخالفة .

- اسم و صفة العون أو الأعوان الذين حرروا المحضر .

- اسم الشخص المكلف بالمتابعة .

و يختتم المحضر بمكان تحريره و ساعة اختتامه .

إن قانون الضرائب غير المباشرة و إن كان قد نص على خلاف غيره على هذه البيانـــات و الإجراءات الشكلية إلا أنه لم يرتب على تخلفها آثار معينة ، و المؤكد في نظرنا أن تخلف أحد بياناتها الأساسية يرتب بطلان المحضر لكنه لا يؤدي إلى بطلان المتابعة الجزائية ، كما تجدر الإشارة إلى أن باقي النصوص الجبائية و إن لم تخضع تحرير محاضر إثبات الغش الضريبي أو باقي المخالفات الضريبية لأي شكليات إلا أنه يفهم من نص المادة 112 من قانون الرسوم على رقم الأعمال أن لكل جهة مؤهلة لإثبات المخالفة تحرير محضرها وفقا للأوضاع و الإجراءات التي تحكم تحرير محاضرها .

و خلافا لما هو جاري العمل به بالنسبة لمحاضر إثبات الجرائم الجمركية و المخالفات المتعلقة بالمنافسة و الممارسات التجارية فإن القانون لم يخص المحاضر المثبتة لجريمة الغش الضريبي بأي قوة ثبوتية متميزة عن تلك المقررة في قانون الإجراءات الجزائية.

فضلا عما سبق بيانه فإن المادة 511 من قانون الضرائب غير المباشرة خولت للأعوان القائمين على تحرير المحاضر المثبتة للمخالفات الضريبية سلطة حجز الأشياء محل الغش و الوسائل المستعملة فيه ، و قد جاء نص هذه المادة بصيغتي العموم و الإلزام إذ ذكرت الأعوان المحررين للمحاضر على وجه الخصوص و لم تخص بالذكر أعوان إدارة الضرائب فقط مما يستشف منه في نظرنا أن صلاحية حجز أشياء و وسائل الغش تنصرف إلى جميع الأشخاص المؤهلين لإثبات جريمة الغش الضريبي ، هذا من جهة و من جهة أخرى فإن نص هذه المادة لم يترك للأعوان القائمين بذلك سلطة الخيار فيما يتعلق بمباشرة عملية الحجز إنما ذكرت أن الحجز يتم من طرفهم لزوما .

و في هذه الحالة يحرر الأعوان محضرا للحجز يذكر فيه –إضافة إلى البيانات السابق ذكرها في المحاضر بصفة عامة –التصريح بالحجز الذي قدم في هذا الشأن إلى المخالف كما يجب ذكر نوع و وزن أو قياس الأشياء المحجوزة أو تقديراتها تقريبية و حضور المخالف أثناء إعداد البيان الوصفي أو الإخطار الرسمي الموجه إليه للحضور و اسم و صفة و قبول الحارس المعين. و عندما لا يكون للمحجوز عليه محل إقامة معروف في التراب الوطني فإن التصريح الخاص بالمحضر يتم عن طريق ظرف موصى عليه مع طلب إشعار بالاستلام و يرسل إلى آخر محل إقامة معروف للمخالف و يجب أن تحمل الرسالة بيان مكان و تاريخ تحرير المحضر .

أما في حالة ما إذا كان سبب الحجز مستندا على التزوير أو إتلاف الدفاتر و النسخ و غيرها من الوثائق فإن المحضر يبين فيه التزوير أو الإتلاف أو التحوير الحاصل و تبقى الوثائق المذكورة و المؤشر عليها مرفقة بالمحضر .

كما تقتضي أحكام المادة 508 من قانون الضرائب غير المباشرة أن يقرأ المحضر على المخالف متى كان حاضرا أثناء تحريره و تعطى له نسخة منه و يشار إلى ذلك بالمحضر أما إذا كان غائبا و له مكان إقامة معروف فإن المحضر يبلغ له خلال 48 ساعة من الاختتام و في الحالة العكسية فإن المحضر يعلق خلال نفس المدة على باب دار البلدية التابع لها مكان الحجز أو مكان تحرير المحضر.

باستثناء ما نصت عليه المادة 507 من قانون الضرائب غير المباشرة فإن الأشياء المحجوزة تودع في مكتب الضرائب القريب جدا و يمكن وضعها إن اقتضى الحال في حضيرة المحجوزات لتباع بعد ذلك من قبل قابض الضرائب إذا لم يقدم الطرف الذي وقع عليه الحجز اعتراضا على ذلك خلال المهلة القانونية ما لم يؤذن بالبيع من طرف القضاء قبل حلول الآجال المقررة قانونا و ذلك في حالة ما إذا كانت الأشياء المحجوزة محل تلف .

الفرع الثاني : سلطات إدارة الضرائب في الكشف عن أعمال الغش

يعتمد النظام الضريبي الجزا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بحث جريمة الغش الضريبي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» علماء مكة المكرمة يدينون جريمة التطاول على الرسول
» قصص مؤثرة للفتيات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بلدية فركان  :: منتديات الحقوق والإستشارات القانونية :: البحوث القانونية-
انتقل الى: