بلدية فركان
محاضرات في القانون المقارن 10378110
بلدية فركان
محاضرات في القانون المقارن 10378110
بلدية فركان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بلدية فركان

بلدية فركان
 
الرئيسيةTWEETERأحدث الصورالتسجيلدخول
المواضيع الأخيرة
» METHODE FERKANE
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأربعاء 27 نوفمبر - 17:19:16 من طرف يوسف

» اين انتم ي جمعية اولياء التلاميذ
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالإثنين 1 يوليو - 17:31:43 من طرف admin

» فوز مرسي بـ51 ألفًا و526 صوتًا مقابل 12 ألفًا و385 لشفيق
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالإثنين 18 يونيو - 5:54:30 من طرف admin

» فوز ونجاح مرسي بالانتخابات .مصر الاثنين 18 جوان 2012
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالإثنين 18 يونيو - 5:47:55 من طرف admin

»  تعريف الطابعة pilote. driver epson cx3900
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالثلاثاء 29 مايو - 21:58:41 من طرف admin

» طلبة جامعة تلمسان أين حدثت كارثة الانفجار.. وزير الداخلية
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالإثنين 28 مايو - 21:34:58 من طرف admin

» ماذا تطلب لويزة حنون خطير....جدا
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالثلاثاء 22 مايو - 21:16:33 من طرف admin

» "سرار‮: "‬المدينة التي‮ ‬لم تمنحني‮ ‬مقعدا في‮ ‬البرلمان
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالإثنين 21 مايو - 17:36:18 من طرف admin

» بعد وفاة وردة الجزائرية
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالإثنين 21 مايو - 17:33:11 من طرف admin

» كل مذكرات تخرج قانون الاسرة
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالإثنين 21 مايو - 16:24:09 من طرف منتدى فركان

» دائرة الشــــريعـــة وما أدراك مـــــا الشريعة ولايـــــة تبسة
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالإثنين 21 مايو - 15:54:56 من طرف منتدى فركان

» أهلين وسهلين
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالإثنين 21 مايو - 15:51:25 من طرف منتدى فركان

» اسئلة مقياس طرق التنفيذ
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالجمعة 18 مايو - 23:38:27 من طرف admin

» تفسير الاخلام حسب الحروف
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 17 مايو - 21:26:30 من طرف admin

» هل تستطيع برمجة عقلك جرب اذن
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 17 مايو - 21:22:00 من طرف admin

» اسرار عن المرأة والرجل ,,,,, وفهم العلاقة بينهم
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 17 مايو - 21:18:06 من طرف admin

» بحث كامل عن الضبط الإداري 2012
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 17 مايو - 1:10:48 من طرف admin

» تحميل قانون الاحزاب السياسية الجزائري الجديد 2012
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأربعاء 16 مايو - 19:07:53 من طرف admin

» كتاب طبخ وفقا لطرقة السيدة رزقي
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأربعاء 16 مايو - 1:07:29 من طرف admin

» الجزائر تعلن نتائج الانتخابات البرلمانية الجمعة
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالسبت 12 مايو - 5:17:56 من طرف admin

» نتائج الانتخابات التشريعية الجزائري
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالجمعة 11 مايو - 12:57:49 من طرف admin

» فتح الستار على bmw x6 2013 وهادي صورها
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 10 مايو - 4:58:46 من طرف admin

»  iPhone 5 تعرف على
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأربعاء 9 مايو - 2:37:34 من طرف admin

» جرحى في‮ ‬اشتباكات بــين أنـصار الأرندي‮ ‬والأفـلان بالأسـلحة البــيضاء
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأربعاء 25 أبريل - 2:14:13 من طرف admin

»  ‮''‬أسلحة من الجيل الثالث في‮ ‬متناول القاعدة وأتباعها‮''
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأربعاء 25 أبريل - 2:11:20 من طرف admin

»  موجة حرّ‮ ‬تصل إلى 34 بالولايات الجزائرية
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأربعاء 25 أبريل - 2:07:21 من طرف admin

» الفخار الصناعة التقليدية الاصيلة
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأحد 22 أبريل - 23:15:43 من طرف admin

» بحث كامل ومهمش اشخاص التفليسة
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأحد 22 أبريل - 0:05:43 من طرف admin

» طريقة المشاركة في المنتدى بالمساهمات والردود
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالسبت 21 أبريل - 3:30:22 من طرف admin

» ريقة ارجاع الفيس بوك الى الشكل القديم
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالسبت 21 أبريل - 0:49:04 من طرف admin

» صور سيارة لعام 2013 Mercedes-Benz C-Class
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالسبت 21 أبريل - 0:37:51 من طرف admin

» السياحة في دبي usa
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالسبت 21 أبريل - 0:23:21 من طرف admin

» حريق يأتي على العشرات من أشجار النخيل بمنطقة " مديلة " ببلدية فركان
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالسبت 21 أبريل - 0:01:03 من طرف admin

» 4 مليار لمشاريع الإنارة العمومية والصرف الصحي بفركان فيفري 2011
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالجمعة 20 أبريل - 23:54:24 من طرف admin

» توقّع إنتاج 150 ألف قنطار من الحبوب في بلدية فركان
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالجمعة 20 أبريل - 23:38:10 من طرف admin

» الرئيس ساركوزي والمهاجرين الجزائريين 2012
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالجمعة 20 أبريل - 22:35:12 من طرف admin

» بوقرة يتوج رسميا زياني ثانيا وبلحاج رابعا
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 19 أبريل - 3:06:12 من طرف admin

» إسبانيول يهين فغولي و فالنسيا برباعية
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 19 أبريل - 3:02:25 من طرف admin

» البايرن يفوز أمام ريال مدريد في نصف نهائي دوري الأبطال
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 19 أبريل - 2:59:47 من طرف admin

» سرقة أحذية رونالدو وبنزيمة وأوزيل في "أليانز أرينا"!
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 19 أبريل - 2:56:25 من طرف admin

» مورينيو يتجاهل خسارة بايرن ويهاجم غوارديولا!
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 19 أبريل - 2:49:44 من طرف admin

» فيديو حصريا للمصارعة 17 ابريل 2012
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 19 أبريل - 2:45:45 من طرف admin

» طريقة تسريع الرام ram بدون بدون برامج....برامج
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأربعاء 18 أبريل - 16:12:48 من طرف admin

» سيريال برنامج 2012 ram saver pro
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأربعاء 18 أبريل - 16:04:43 من طرف admin

» طريقة تسريع الرام ram برنامج RAM Saver Pro 4.5
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأربعاء 18 أبريل - 15:59:21 من طرف admin

» يوم الاحد 15 افريل 2012
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل - 21:22:54 من طرف admin

» اعرف قوة جهازك وقدرة la ram بنقرتين
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأحد 15 أبريل - 20:33:05 من طرف admin

» بحث الحكم المعلن لشهر الافلاس خصائصه وطبيعته
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالجمعة 13 أبريل - 17:21:01 من طرف admin

» نقصان العقل والدين عند النساء
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالجمعة 13 أبريل - 1:49:38 من طرف admin

» فتوى بذل المال لتغيير الوظيفة
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالجمعة 13 أبريل - 0:37:56 من طرف admin

» طريقة غلق حساب شخص متوفي على الفيسبوك
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 12 أبريل - 22:34:54 من طرف admin

» صور ولاية ادرار طبيعة الرمال جميلة
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 12 أبريل - 18:55:49 من طرف admin

» صور من مختلف ولايات الجزائر روعة ومضحكة
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 12 أبريل - 18:47:38 من طرف admin

» صحراء الجزائر
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 12 أبريل - 18:35:08 من طرف admin

» حزب إسلامي يرفض دعوة للتحالف
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 12 أبريل - 0:41:30 من طرف admin

» طليقة القرضاوي تنافس في الانتخابات الجزائرية
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالخميس 12 أبريل - 0:27:39 من طرف admin

» انشودة مولاي قد نامت عيون جميلة
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأربعاء 11 أبريل - 0:46:07 من طرف admin

» جميع محاضرات الافاس والتسوية القضائية 2012
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالأحد 8 أبريل - 22:21:54 من طرف admin

» بحث التطليق في قانون الاسرة الجزائري
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالسبت 7 أبريل - 23:47:51 من طرف admin

» بحث كيفية وطريقة شهر الافلاس في القانون التجاري الجزائري
محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالسبت 7 أبريل - 23:39:11 من طرف admin


 

 محاضرات في القانون المقارن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
admin
Admin
admin


الجزائر
ذكر
عدد المساهمات : 537
نقاط : 1621
تاريخ الميلاد : 16/01/1988
إنضم بتاريخ : 12/09/2011
العمر : 36
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : عاطل

محاضرات في القانون المقارن Empty
مُساهمةموضوع: محاضرات في القانون المقارن   محاضرات في القانون المقارن I_icon_minitimeالإثنين 28 نوفمبر - 21:04:30

الفصل الأول: مفهوم القانون المقارن وطبيعته
المبحث الأول: مفهوم القانون المقارن
المطلب الأول: تعريف القانون المقارن
كما يدل عليه هذا التعبير الاصطلاحي إنه دراسة قانونية أو بحث قانوني يقوم على المقارنة بين قانونين أو أكثر ويعرفه كل من الأستاذان لومبير وصالي بأنه: <<العلم الذي يبحث عن القواعد المشتركة بين الشرائع والنظم المختلفة>> ويعرفه مؤتمر لاهاي لسنة 1937 بأنه: <<يعمل على المقارنة بين قوانين بلدان مختلفة واستخلاصه من هذه القوانين أوجه الشبه والاختلاف>> ويعرفه دافيد وڨوتريدج بأنه: <<الطريقة المقارنة في تطبيقها على الدراسات القانونية>> ويعرفه الدكتور خليل الجزائري: علم منهجي يستهدف دراسة النظم القانونية لاستخلاص أوجه الشبه والاختلاف وتحديد جوهرها الاجتماعي وشكلها ووظائفها بغية إظهار الاتجاهات المتعارضة والمتناقضة في مختلف نماذج نظم القانون وترجيح بعضها على بعض>> ويسميه البعض (بالقانون الموازن) تسمية القانون المقارن التي استقر عليها الفقه هي حديثة العهد ترجع إلى طلوع القرن الماضي وهي تسمية اصطلاحية كتسمية القانون الدولي لا تدل على محتواها فهي توحي بأنها مجموعة قواعد كسائر فروع القانون الوضعي باعتبار أن القانون هو مجموعة القواعد التي تنظم سلوك وعلاقات الأشخاص في المجتمع على وجه ملزم. غير أن محتوى أو دلالة القانون المقارن غير ذلك لأنه لا يوجد ما يسمى بالقانون المقارن بالمعنى المألوف عليه فالقانون المقارن ليس مجموعة من القواعد تنظم حياة المجتمع كالقانون الجزائري أو الياباني أو الأمريكي وغيرها من القوانين الوضعية وهو ليس فرعا من فروع القانون كالقانون المدني أو القانون التجاري وهو كذلك ليس مجموعة قواعد تنظم موضوعا معينا في نطاق فرع من فروع القانون كنظام الملكية أو الأهلية فالقانون المقارن كما يقول الأستاذ إبراهيم الخليلي هو: <<المقارنة بين الشرائع العالمية الرئيسية التي تنظم كل منها كل مجموعة من القوانين الوضعية من حيث خصائصها الأساسية لاستخلاص ما بين هذه الشرائع من أصول عامة مشتركة وما بينها من خلافات وتباين في المفاهيم والأفكار وأساليب الصياغة والوقوف على المؤثرات>>
المطلب الثاني: فرع القانون المقارن
للقانون المقارن نفس التقسيمات التي يعرفها القانون في فروعه بين القانون العام والقانون الخاص والفروع الفرعية التي يعرفها كل تقسيم فالقانون العام يقسم إلى القانون المقارن الدستوري والقانون المقارن الإداري والقانون المقارن الدولي...إلخ.
ونفس الشيء بالنسبة لفروع القانون الخاص فهناك القانون المقارن المدني والقانون المقارن التجاري والقانون الدولي الخاص المقارن وغيرها من فروع القانون الخاص.
المطلب الثالث: صور القانون المقارن
تتخذ الدراسات المقارنة عدة أشكال وهي استعملت من طرف المقارنين في دراستهم وتعرض إليها الأستاذ (كونستونتينيسكو) بكثير من التفصيل:
- القانون المقارن الوصفي: يقصد منه عرف قانوني أو أكثر وإظهار ما يميزها عن بعضها بإظهار الفروق التي بينها للتعرف على القوانين الأجنبية أو الحصول على معلومات دون غاية أخرى مثلا التمييز بين الكوارث الطبيعية في طل من النظامين الفرنسي والجزائري.
- القانون المقارن التطبيقي: يعتمد عليه لتحقيق هدف عملي محدد يتجاوز التحصيل وجمع المعلومات من القوانين الأجنبية فهو ليس مجرد وصف للخلافات القائمة بين المفاهيم والقواعد موضوع المقارنة دائما فهو تحليل جوهري ودقيق للقوانين موضوع المقارنة ثن استنباط النتائج من هذا التحليل مثل: (حماية المؤمن له في النظام الجزائري والفرنسي)
- القانون المقارن المجرد: ويهدف إلى تكثيف تحصيل المعلومات في المجال القانوني وهذا ما يسميه الفقيه رابل بالمقارنة البحتة ولكن حسب الفقيه ڨيتريدج لا وجود لهذه الطريقة في القانون المقارن.
المبحث الثاني: طبيعة القانون المقارن
اختلفت الآراء حول طبيعة هذا القانون أهو علم أم مجرد طريقة؟
المطلب الأول: القانون المقارن علم
اختلاف الفقهاء في تسمية القانون المقارن يرجع إلى اختلافهم في طبيعته ووظيفته فمنهم من ذهب إلى أنه علم مستقل قائم بذاته متميز بخصائصه كعلم الاجتماع وعلم اللغات وعلم الأديان ومنهم من ذهب إلى أنه مجرد طريقة من طرق البحث في المجال القانوني تستعمل لأغراض متعددة كتوحيد أو تعديل القوانين الوطنية ولاستعمال الطريقة في أبحاث القانون للتمييز بين النظم القانونية القديمة أو استخلاص المبادئ العامة في القانون ويتزعم المذهب الأول الذي كان سائدا إلى غاية الحرب العالمية الثانية الأستاذان لومبير وصالي فيرى الأستاذ لومبير أن القانون المقارن علم قائم بذاته غايته وضع تشريع مشترك بين الدول ويقسم إلى قسمين: (التشريع المقارن) أو (علم الظواهر القانونية) وهو علم يستهدف الكشف عن أصل نشأة القواعد القانونية والنظم القانونية وتطورها.
التشريع المقارن: ويخص البحث في الشرائع الوضعية عن الأسس المشتركة في تكملة القوانين الوطنية وفي تطويرها ولا يعتبر في نظره هذا الفرع من القانون علما بل هو مجرد تقنية أما الأستاذ صالي فيرى أن المغزى من القانون المقارن هو علم غايته الوصول إلى استخلاص القواعد القانونية جديدة ومشتركة للإنسانية المتحضرة وذلك بدراسة الشرائع المختلفة من ناحيتها الاجتماعية ثم دراسة الشرائع المتحدة في تنظيمها في طوائف متعددة واستخلاص نموذج للنظم القانونية المختلفة ويكون هذا النموذج هو القانون المقارن المشترك للإنسانية وهو الهدف الذي يسعى نحوه كل تشريع خاص والقانون المقارن هو الذي يكشف لنا هذا القانون المثالي ويؤخذ على هذا الرأي بأن القانون المقارن لا يمكن أن يصل إلى قانون مشترك للإنسانية المتمدنة بل إنه قانون مشترك للدول التي يوجد بها تشابه أو اتحاد في المدنية والتحضر فهذا المذهب يبقى متأثرا بالأفكار التي كانت سائدة قبل مؤتمر باريس 1900 خاصة تلك التي تجعل من القانون الطبيعي القانون المثالي لذلك يعرفونه بأنه: <<العلم الذي يبحث عن القواعد المشتركة بين الشرائع والنظم المختلفة>> مما جعل أن الدراسات المقارنة تأخذ اتجاهات تاريخية متأثرة بمذهب القانون الطبيعي كوسيلة للوصول إلى قانون مشترك للإنسانية.
المطلب الثاني: القانون المقارن طريقة
سار هذا المذهب بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة الخلافات والنقاش التي أثارها مؤتمر باريس 1900 (وهو المؤتمر الأول للقانون المقارن) خلافات حول أهداف ووظائف القانون المقارن وحول الطريقة والمنهج الذي يتعين إتباعه في دراسته كذلك كان الخلاف حول تعريفه بل وحتى على تسميته (استعملت اصطلاحات أخرى غير القانون المقارن كمقارنة القوانين، الطريقة المقارنة للتشريع، التشريع المقارن، وفي إنجلترا غلبت تسميته بالاجتهاد المقارن) وتجددت هذه الاختلافات والمناقشات في مؤتمر لاهاي للقانون المقارن 1937 الذي عرف القانون المقارن دون التطرق إلى طبيعته: <<يعمل على المقارنة بين قوانين بلدان مختلفة واستخلاص بين هذه القوانين من أوجه الشبه أو أوجه الخلاف وعلى رأس هذا المذهب ڨوتريدج في إنجلترا بنشر مؤلفه (القانون المقارن مدخل إلى الطريقة المقارنة في البحوث القانونية) 1946 وترجم إلى الفرنسية سنة 1953 وتبعه في إيطاليا الأستاذ إسكاريلي وفي فرنسا دافيد بنشر مؤلفه سنة 1950 ويرى أصحاب هذا المذهب أن القانون المقارن هو الطريقة هو الطريقة المقارنة في تطبيقها على الدراسات القانونية وأن الأفكار التي كانت سائدة قبل الحرب العالمية الثانية والتي تعتبر القانون المقارن علما لم تكن حسب هذا المذهب موفقة وأدت هذه الأفكار إلى جدل عقيم ذات القانون المقارن غموضا ولبسا وكان من الممكن تجنب هذا الغموض واللبس لو تقرر من أول الأمر أن القانون المقارن ليس علما ولا فرعا من فروع القانون وإنما هو طريقة للمقارنة في مجال العلوم القانونية أو منهج دراسة وبحث فالقانون المقارن حسب هذا الفريق ليس له غرض بذاته كبقية فروع القانون وإنما هو وسيلة ومنهج وتقنية تتبع للبحث في مواضيع تتصل بفروع أخرى من فروع القانون ولقد لقي هذا المذهب الجديد للقانون المقارن صدا عند الفقهاء خاصة عند المناهضين لتوحيد القانون كالبريطانيين الذين نشئوا في تقاليد خاصة ومتمسكون بقوانينهم كذلك الدول الاشتراكية الذين يرفضون فكرة التقريب بين القوانين البرجوازية وقانونهم الاشتراكي.
ومهما كان الجدل والخلاف بين الفقهاء فلم يعد له أي أثر ما دام أن القانون المقارن حسب الأستاذ دافيد يقوم على أسس علمية ويتجلى ذلك من خلال كشف الحقائق.
المطلب الثالث: القانون المقارن علم وطريقة
يؤدي القانون المقارن إلى التقارب والتفاهم بين الشعوب من خلال مقارنة قوانينها وإرساء قواعد أو مبادئ مشتركة بينها تجعله ذو طبيعة مزدوجة فيبدو علما في نطاق المقارنة بين الشرائع بعد تصنيفها إلى طوائف وعائلات كبرى تتميز بمناهجها ومركزها الجغرافي بحيث يمكن أن يتألف منها ما يسمى بالجغرافية القانونية فتناول مركزه الجغرافي وتطوره التاريخي ويقوم بعد ذلك بالمقارنة ببيان الخصائص المشتركة بينهم تؤدي إلى بناء كامل من المعلومات الخاصة بالعناصر الأساسية لقوانين الدول المختلفة كما يلاحظ الدكتور خليل الجزائري أن المنهج والعلم مترابطان على اعتبار القانون المقارن ................... كذلك القانون المقارن يبدو علما حين يستعمل كوسيلة للمقارنة بين قاعدتين قانونيتين فهذه المقارنة تؤدي إلى تحصيل معلومات علمية جديدة مثل أصل وتاريخ القاعدة وبياناتها القانونية والتعرف على مصدرها ولا يختلف عنه الدكتور إبراهيم الخليلي حينما يقول أن القانون المقارن: <<علم يمهد السبيل لاستخدام الطريقة المقارنة>> ويعتبره من جهته الأستاذ ليجي بأنه: <<علم فتي لا يزال في مراحله الأولى التطويرية>> وعلى ضوء ما تقدم يمكن القول مع الأستاذ خليل الجزائري: <<بأن القانون المقارن هو علم منهاجي يستهدف دراسة النظم القانونية لاستخلاص أوجه الشبه والاختلاف وتحديد جوهرها الاجتماعي وشكلها ووظائفها بغية إظهار الاتجاهات المتعارضة والمتناقضة في مختلف نماذج نظم القانون وترجيح بعضها على بعض>>
المبحث الثالث: طرق المقارنة
المطلب الأول: أنواعها وصورها
توجد عدة طرق للمقارنة حيث أن طرق المقارنة تتعدد بتعدد المقارنين وكل واحد منهم يقترح طريقته الخاصة نورد البعض منها فيما يلي:
1- المقابلة: (المقايلة) وتسمى أيضا بالمجانبة وفيها يضع الباحث النصوص أو الأحكام التي تعالج موضوع معين في قوانين مختلفة جنبا إلى جنب بحيث يقابل بعضها بعضا وبذلك يتعرف الباحث على مواضع التشابه والاختلاف بينها ويقارنها مع قانونه الوطني فيتبين بذلك ما بينها من اختلاف وائتلاف مثل أحكام الزواج أو الطلاق أو الحضانة أو الوكالة ...إلخ. 2- المقاربة: وفيها يدرس الباحث جوانب التقارب بين القوانين وهي القوانين المتشابهة في الخصائص كالقوانين اللاتينية الجرمانية باستمدادها من مصادر قانونية مشتركة تخضع لمنهاج قانوني واحد يجعلها قابلة للمقارنة وهي طريقة تتبع في توحيد القوانين الداخلية وفي الدول الاتحادية ففي هذه الدول يوجد إلى جانب القوانين الاتحادية قوانين خاصة بكل دولة أو ولاية ونجد نطاقا مشابها لذلك في الشريعة الإسلامية فقد سعى بعض العلماء أو الفقهاء إلى المقارنة بين أحكام المذاهب الإسلامية المختلفة وقد أصبح هذا علما يسمى (علن الخلاف) ومن أهم الكتب المؤلفة في ذلك كتاب (الفروق للقوافي)
3- المضاهاة: (المعارضة) وهي تقوم على بيان أوجه الاختلاف بين منهجين مختلفين كالمنهج اللاتيني الجرماني والمنهج الاشتراكي أو منهج الكومن لو.
4- المقارنة الأفقية والمقارنة العمودية:
أ- المقارنة الأفقية: وهي المقارنة التي تكون بين القوانين المتباعدة في المكان كالمقارنة بين القوانين الوضعية في البلاد المختلفة مثلا بين القانون الصيني والقانون الكندي.
ب- المقارنة العمودية: وهي المقارنة المتباعدة في الزمان كمقارنة القانون الوضعي بقوانين أخرى قديمة تكون مصدرا للقانون الحالي.
5- الموازنة: (المقارنة المنهجية): وهي طريقة تخضع لمنهج معين يساعد على استخلاص نتائج يمكن التعرف بها على القانون الأفضل بعد دراسة أسباب الاختلاف والتقارب بين هذه القوانين بناء على الظروف التي تحيط بكل قانون.
المطلب الثاني: مراحل المقارنة
تمر المقارنة أساسا بمرحلتين:
أ- المرحلة التحليلية: أو المقارنة الجزئية ويبدأ بتجزئة النص الأجنبي أي تحليل القاعدة القانونية الأجنبية إلى جزئيات ثم دراسة النظام الذي تحتوي عليه هذه القاعدة وبعدها ينتقل إلى دراسة المنهج الكامل للقانون الأجنبي فلو أراد الباحث الجزائري أن يقارن بين القانون الجزائري والقانون الفرنسي والقانون الألماني والسويسري في موضوع الحضانة مثلا فإنه يقوم بداية بدراسة القواعد القانونية وما يتفرع عنها من حالات ثم ينتقل إلى النظام بأكمله ليتمكن من فهم القاعدة ومدى تقاربها بالقواعد الأخرى محل المقارنة فيتعرف على أحكام الولد غير الشرعي والولد المتبنى وغيرها من المراكز القانونية لهذه الوضعية في القوانين محل المقارنة فينتهي الأمر بالباحث إلى دراسة نظام الأسرة بأكمله ولا يكتف بهذه الدراسة فقد يتسع نطاق المقارنة ليشمل آثار العلاقة بين الرجل والمرأة قبل الزواج وبعده ثم العلاقة بين الوالدين والأولاد ومدى سلطة الأبوين عليهم كما تشمل نظام الإرث وإلى غير ذلك من الحقوق والحماية التي يتمتع بها الطفل في مختلف الأنظمة محل المقارنة ومدى مطابقتها للقوانين الدولية في هذا الموضوع فالمقارنة تشمل في نهاية المطاف النظم الأجنبية محل المقارنة بأكملها ومواجهتها فيما بينها والوقوف على أوجه الشبه والاختلاف في القاعدة القانونية والنظام القانوني والمنهج بأكمله وبذلك يصبح استخلاص النتيجة ميسورا وسهلا وتقوم هذه المرحلة على عناصر يتعين على الباحث مراعاتها تتمثل فيما يلي:
أ- معرفة القوانين محل المقارنة: فلا بد على الباحث أن يطلع على القانون الأجنبي اطلاعا كاملا هذا يتطلب أيضا معرفة لغة القانون الأجنبي ومصطلحاته وذلك لاختلاف المفاهيم في هذه المصطلحات مثال ذلك ترجمة كومن لو بالقانون المشترك والقانون العام دروا كومان فالتعبير وإن اتفقا لغة فهما يختلفان دلالة وكلمة باتيمان الواردة في المادة 1386 من القانون المدني الفرنسي فهي قد تعني سفينة وقد تعني بناء فيجب على الباحث أن يعلم من خلال موقع النص معناها المناسب وعلى الباحث أن يتجنب الأخذ بقاعدة قانونية إلا بعد الرجوع إلى نصها الأصلي وأن يتجنب كذلك الدراسات السطحية.
ب- البحث عن العوامل المؤثرة في تكوين القانون الأجنبي: وهي عوامل مختلفة تاريخية وعوامل سياسية وعوامل اقتصادية.
1- من الناحية التاريخية: يجب على الباحث أن يتطلع على الأسباب التاريخية التي ساهمت في تكوين القانون فالفروق بين القانون الروماني والفرنسي فيما يتعلق بفسخ العقد مثلا يرجع إلى أسباب تاريخية ففي القانون المدني الفرنسي يتقرر فسخ العقد بحكم قضائي لأن القانون الفرنسي مستمد من القانون الكنسي أما في القانون الألماني فالفسخ يتم في إرادة الدائن.
2- من الناحية الاجتماعية: على الباحث أن يدرس العوامل الاجتماعية التي تجعل تطبيق نصين مختلفين أو متفقين بين بلدن وآخر فعلى الباحث أن يدرس البيئة الاجتماعية التي يطبق فيها القانون وكذلك الحال بمختلف القوانين فيجب دراسة ومعرفة البيئة الاجتماعية ومكانة النظام أو القاعدة القانونية وبعدها وأثرها على المجتمع فالتأمين عن البطالة أو التعويض على حوادث المرور أو عمل المرأة أو سن الزواج أو مسألة التبني أو مسألة الطلاق، كل هذه المسائل متأثرة بعادات والتقاليد والظروف الاجتماعية مثلا: المادة التي تتكلم على حق المرأة في مسكن الزوجية.
3- من الناحية السياسية: ينعكس الاختلاف السياسي على تحديد المفاهيم القانونية السياسية والإيديولوجية التي تقوم عليها النظم الاشتراكية أو الدول النامية حيث تعتمد على مفاهيم وأساليب التنظيم والتسيير تختلف في مفهومها عن أنظمة الدول الغربية الديمقراطية مثل اختلاف القانون الألماني والقانون الفرنسي حول الآثار التي تترتب على مفهوم الحوادث الطارئة في تنفيذ العقود وهذا حتى في نفس العائلة القانونية وبصفة عامة فإن المقارنة تتطلب معرفة النصوص محل المقارنة والتشريع وحده هنا لا يكف لأن يكون مصدرا إذ يجب الرجوع إلى الفقه والقضاء ويجب دراسة النص محل المقارنة كما ينظر إليه في النظام الذي ينتمي إليه أي في ضوء المصادر القانونية والنظام الخاص به وعلى القانونيين دراسة القوانين الأجنبية من الموسوعات والكتب العامة ثم التوجه إلى المجموعات القانونية ثم الأحكام القضائية وعلى العموم يمكن الرجوع إلى الكتب العامة والموسوعات والمجلات القانونية المتخصصة ومراجع البحث تعتبر أدوات الباحث للتجوال خلال القانون الأجنبي وعليه الاتصال بمصادرها سواء كانت في مجالات عامة أو مجالات القانون المقارن أو مجموعات خاصة به أو معاهد مستقلة معنية بتدريسه أو مواقع الانترنت وغير ذلك من وسائل البحث.
ب- المرحلة الاستنتاجية: تبدأ المقارنة المنهجية كما سبق وأشرنا بفهم النصوص محل المقارنة كما يحددها النظام الذي ينتمي إليه أي بعد الرجوع إلى مصادره المختلفة أي العوامل التي أدت إلى ميلاد هذا النص ثم يشرع في تحصيل النتائج المتوصل إليها وهنا تبدأ مرحلة التحليل والنتائج أو المقارنة الكلية ماركرو كومباريزون وتهدف إلى استخلاص العلاقات بين النصوص محل المقارنة ووجود التشابه أو الاختلاف وأسبابها من ناحية أخرى وتنتهي الدراسة المقارنة بتقرير نهائي لما توصل إليه الباحث المقارن من وجود أسباب التشابه أو الاختلاف وأن يعرض برأيه في موضوع وقد يكون رأيه متفقا مع أحد الأنظمة أو مخالفا لها أو رأي توفيقي ومن الأفضل ألا يكتف الباحث المقارن بهذا بل عليه أن يقدم تعليلا قانونيا موضوعيا سواء تعلق الأمر بالقانون الوطني أو الأجنبي هذه بصفة عامة هي مراحل المقارنة وصورها أو المنهج المعتمد في الدراسات القانونية.
الفصل الثاني: القانون المقارن وتطوره
المبحث الأول: التطور التاريخي للدراسات القانونية المقارنة
المطلب الأول: نهضة حركة الجامعات في أوروبا
إن الدراسات القانونية المقارنة ليست وليدة اليوم ولا وليدة هذا العصر فهي قديمة قدم القوانين وكان يعمل في العصور القديمة عمل بها في العهد اليوناني فقد استعملها أرسطو سنة 322 إلى 384 قبل الميلاد في كتابه عن السياسة بمقارنة ما يفوق عن 153 دستور من الدساتير التي كانت تحكم المدن اليونانية واستحدثها بعده صولون سنة 558 إلى 640 قبل الميلاد في إعداد قوانين أثنا وعند إعداد الألواح الإثني عشر كلف المدونون بدراسة القوانين اليونانية واقتباس ما يصلح منها لمجتمعها مما جعل الكثير من المختصين يؤكدون تأثر القانون الروماني بالقوانين اليونانية ومنهم من ذهب إلى وجود تشابه بين نظام الألواح الإثني عشر ونظام القانون المصري القديم فيكون لهذه الألواح مصدرين القانون المدني في عهد أمازيس والقانون اليوناني في عهد صولون وفي القرون الوسطى عرفت الدراسات المقارنة انبعاثا جديدا بإحياء دراسة القانون الروماني من جديد عن طريق المراكز العلمية للجامعات الأوروبية انطلاقا من القانون الروماني انطلاقا من مدينة بولون الإيطالية في القرن 11م متخذة أساسا لدراستها طريقة الشرح على المتون مجموعات جوستينيان سنة 528 إلى 534 التي تشمل خلاصة للنظم القانونية الرومانية بحيث ازدهر في هذا العصر الفقه كمصدر رسمي للقانون إلى جانب العرف والتشريع والقانون القضائي البريتوري وتزامن انبعاث الحركة العلمية للجامعات بانتعاش التجارة بين المدن الغربية في القانون 11 و12 وفي القرن 13 انتقلت هذه الحركة إلى فرنسا فشرع في تدريس القانون المقارن في الجامعات واستعين بالقانون الروماني وفقهه وكذا تعاليم الديانة المسيحية لتفسر العادات المحلية وعمت هذه النهضة أو الحركة العلمية للجامعات كل أوروبا في القرنين 14 و15 في ظل النظام الإقطاعي وسيادة القانون العرفي فكانت الجامعات تقوم بالمقارنة بين القانون الروماني والقانون الكنسي والأعراف المحلية وكانت الحركة العلمية للجامعات أساسا لظهور فكرة القانون الطبيعي كنظام عالمي صالح يحكم كافة الشعوب في كل زمان ومكان ومهدت الحركة العلمية للجامعات في جهة أخرى السبيل لحركة التدوين والتقنين التي عرفتها أوروبا في القرن 19.
المطلب الثاني: مرحلة ركود الدراسات المقارنة
غير أن الدراسات المقارنة اتخذت في هذه المرحلة مفهوما يقترن بدراسة القوانين الأجنبية وساهم هذا الاتجاه في ركود هذه الحركة حيث عرفت الدراسات المقارنة ركودا نسبيا خاصة في ألمانيا بعد ظهور المدرسة التاريخية وامتدت هذه الأفكار إلى خارج ألمانيا فتأثرت بها فرنسا ورأت في ثورتها صدا لتاريخها وقوميتها واقتصر الشراح على تفسير النصوص الجديدة والتقيد بحرفية النصوص كما أثرت مدرسة القانون الطبيعي على ركود الدراسات المقارنة كما تأثرت سلبا بانتشار فكرة التقنين وجمع النصوص في مجموعات قانونية جعل الشراح يقتصرون على تفسير النصوص الجديدة وتقيدهم بحرفيتها.
المطلب الثالث: مرحلة انتشار القانون المقارن
يرجع الفقهاء نشأة وتأسيس القانون المقارن إلى بداية القرن 20 ويعتبر انعقاد المؤتمر الأول للقانون المقارن في باريس من 31/07/1900 إلى 04/08/1900 بمثابة تاريخ ميلاد القانون المقارن وبعد الحرب العالمية الأولى توسع نطاق الدراسات المقارنة بعد التحولات التي عرفها العالم ولم تعد تقتصر على القوانين اللاتينية والجرمانية التي كانت سائدة بعد مرور القانون المدني الألماني 1896 وقانون الالتزامات السويسري في 1908 بل تعدتها إلى قانون الكومن لو الذي كان سائدا في انجلترا وأمريكا وأستراليا والمستعمرات الإنجليزية وبدأت تلعب الدراسات المقارنة دورها في مجال التعامل الدولي وحل النزاعات بين الدول خاصة بعد تأسيس محكمة العدل الدولية في لاهاي التابعة لعصبة الأمم المتحدة والتي حلت محل المحكمة الدائمة للتحكيم الدولي واعتمد كذلك على الدراسات المقارنة في عملية توحيد القوانين فأنشئ في سنة 1924 في لاهاي الأكاديمية الدولية في القانون المقارن وفي نفس السنة أنشئ التجمع الدولي للقانون الجنائي وتفرع عنه في سنة 1930 المكتب الدولي لتوحيد القانون الجنائي وأنشئ قبل ذلك في سنة 1928 المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص والمنظمة العالمية للعمل وغيرها من الهيئات التي لا تزال تلعب دورا في توحيد القوانين كما تعددت اللقاءات بين القانونيين في مختلف الدول انطلاقا من جمعية القانون المقارن سنة 1926 ومؤتمر بيدا بيست في نفس السنة وجرت المقارنة بين قوانين متباينة وكانت الغاية توضيح حدود التعارض بين قوانين أوروبا الشرقية والغربية آنذاك وتأثيرها في النصوص وعلى ذلك أصبح من الممكن إجراء المقارنة بين قوانين الشرائع المختلفة في البنية والخصائص كما يمكن إجراء المقارنة بين المنهج الأنجلو ساكسوني والمنهج الاشتراكي وكذا المقارنة بين أنظمة دول مختلفة لا تخضع لنفس الشريعة وتفاوتها في المستوى الحضاري كالمقارنة بين القانون البرازيلي والأثيوبي وغير ذلك وبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت أنظمة ومناهج قانونية جديدة إذ عرفت الدراسات المقارنة آفاق أخرى بظهور هيئات محلية ودولية تهتم بالدراسات المقارنة وتعميم تعليمها ولم تعد هذه الدراسات تقتصر على المقارنة بين الدول الأوروبية واللاتينو جرماني وبين قوانين دول أنجلو ساكسونية بل كذلك بمقارنة القوانين الغربية بقوانين المعسكر الشرقي أو الدول الاشتراكية والدول الرأسمالية واهتمت كذلك دراسات مقارنة بالأنظمة القانونية لدول العالم الثالث بعد زوال الاستعمار وبعد التحولات في جميع المجالات وبعد بروز نظام عالمي جديد يجعل من الدراسات المقارنة أمرا ضروريا وحتميا لمسار متطلبات الألفية الثالثة.
كل هذا لا يسمح لرجل القانون أن يبقى منعزلا حول قانونه الوطني دون اهتمام بما يدور حوله من تقدم وابتكار وأثره على وسطه فالعولمة والتطور التكنولوجي والانترنيت والاستنساخ وطرق الإنجاب الاصطناعية وعلم الجينات والطاقة النووية وغزو الفضاء وغيرها من تطورات ما هي إلا بداية ومظاهر للثورة التكنولوجية هائلة وتحولات عميقة لمسار الإنسانية وتطورها سيكون القانون المقارن حتما ركيزة ضرورية لهذه التحولات.
المبحث الثالث: أهمية ودور القانون المقارن
المطلب الأول: بالنسبة للقانون
1- في مجال التكوين: أصبحت الدراسات المقارنة عنصرا أساسيا لكل علم وتظهر أهميتها من خلال المكانة والدور الذي تلعبه في مختلف المجالات فنجد أن معظم البرامج التدريسية لمختلف الدول تولي عناية خاصة للقانون المقارن وهي مادة مدرسة في جميع جامعات العالم على مستوى التدرج وما بعد التدرج وفي الجزائر أعيد الاعتبار لهذه المادة بعدما استغني عنها في الثمانينات من القرن الماضي ومن جهة أخرى كثير من الدول أنشأت مؤسسات ومراكز بحث وهيئات متخصصة في الدراسات المقارنة وهذه المؤسسات مدعمة من طرف الدول كما تلعب الدراسات المقارنة دورا هاما في تطويره وتحديثه واعتباره عنصر أساسي لكل علم قانوني.
إن معرفة القوانين الأجنبية تمكن من كل رجل قانون من فتح نافذة على المجتمع الخارجي من خلال قوانينه (نظام الملكية، الجنسية، الأحوال الشخصية...).
كذلك الاتصال واستحداث وسائل التوزيع والتسويق، فتح مجال المعاملات تستوجب على رجل القانون مواجهة هذه الحالات فيمكن للقانون الوطني مسايرة الفكر للقانون العالمي والاتجاهات الحديثة للتشريعات واعتماد الأنظمة التي تثبت نجاعتها كما هو الحال بالنسبة للأنظمة القانونية التالية:
- نظام الشهر العقاري أصله أسترالي انتقل بعد ذلك إلى ألمانيا وفرنسا ومعظم الأنظمة في العالم
- نظام الشركة ذات المسئولية المحدودة والرجل الواحد من أصل ألماني أدخل إلى فرنسا وبدأ ينتشر في مختلف الأنظمة.
- نظام السجل التجاري من أصل ألماني ثم اقتبسته فرنسا والجزائر.
- نظام الشيك أصله إنجليزي العالم كله أخذ به بعد ذلك.
- نظام الإفلاس، الإيجار الاعتمادي، عقد التسيير، ترخيص استغلال علامة أو خدمة التشريع الاجتماعي.
- تنظيم علاقة العمل والضمان الاجتماعي.
- نظام البطالة وكل القانونيين يستفيدون من هذه الدراسات وعلى الأخص المستشارين القانونيين والمحامين ويستفيد من الدراسات المقارنة تمكن المشرع حين يريد وضع تشريع معين أن يستخلص النظر المثالي من التشريعات والأنظمة الأخرى فالبرلمانات عبر العالم تستغل هذا المجال بإنشاء مصالح خاصة بالدراسات المقارنة تستعين بها في إعداد تشريعاتها في القانون المدني الفرنسي الصادر سنة 1804 (قانون نابليون) كان ولا زال مثلا يقتدى به في جميع أنحاء العالم حيث أثر في معظم الدول الأوروبية كبلجيكا ولوكسن بورڨ وتأثر بعضها به إلى حد الاقتباس مثل إيطاليا وإسبانيا والبرتغال وتأثرت به دول أمريكا الجنوبية والوسطى كما تأثرت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الآسيوية مثل الصين واليابان وفي إفريقيا وضيق القانون الفرنسي في الكثير من الدول خاصة في المستعمرات القديمة كما هو الحال في الجزائر كما تأثرت مصر بقانون نابليون بوضعها قانون مدني وفي الثلاثينات من القرن 20 أعدت مصر للشروع لتحديد قانون مدني مستعينة إلى الشريعة الإسلامية بالتقنينات اللاتينية الجرمانية مستخلصة المزايا ومستبعدة النقائض وتبعتا في ذلك معظم الدول العربية مقتبسة أحكامها من القانون المصري الجديد، الجزائر 1900 سوريا 1949 العراق 1951 ليبيا 1953 الكويت 1961 السودان 1971 الأردن 1976 قطر 1971 الإمارات 1971 ثم إلى 1986 وتلعب الدراسات المقارنة دورا هاما في تنوير القاضي وتفسير النصوص وإيجاد الحلول الملائمة للقضايا المطروحة أمامه فيستعين القاضي بتفسير النصوص بالمصدر الأصلي إذا كان مصدرا أجنبيا.
دور وأهمية القانون المقارن بالنسبة للقاضي: تتميز قواعد القانون بالعمومية والتجريد فيكون للقاضي حرية في التقسيم وهو يصدر أحكامه في نطاق هذه الصياغ العامة ومن أجل ذلك يلجأ إلى مناهج عديدة في التفسير ليتمكن من إبعاد الغموض من قواعد القانون ومن المناهج التي يستعين بها القاضي إلى تفسير القانون الرجوع إلى المصدر التاريخي الذي أخذت منه فيرجح القاضي القانون الأجنبي وقد يقتضي الأمر الرجوع إلى المصدر التاريخي للقانون الأجنبي ذاته ويؤدي القانون المقارن بالنسبة للقاضي دورا هاما إذ يمكنه من إيجاد حلول المسألة المطروحة أمامه، وأحيانا يحيل المشرع القاضي إلى مصادر احتياطية يستعين بها لاستكمال نقص التشريع مثل المادة 1 من القانون المدني الجزائري ويمكننا أن نقول بأن القاضي يستعين بالقانون المقارن من أجل إيجاد الحلول لمسألة يصعب عليه حلها باعتماده على قواعد القانون الوطني ولما كان التشريع لا يمكن أن يستوعب جميع المسائل التي تعرض أمام القضاء فقد تنازل القاضي عن مدى واسع من سلطته فمنحه الحق ليقدم سلطة في حالة عدم وجود نص تشريعي أو عرف مستقل على مبادئ القانون الطبيعي ومفهوم العدالة وبذلك ألزمه أن ينشئ القاعدة القانونية ويستمدها من ضميره فلا يتضرع بعدم وجود نص أو تصوره وقد ذهب المشرع السويسري إلى أبعد من ذلك فأذن في حالة عدم وجود نص تشريعي أو عرف مستقل على مبادئ القانون الطبيعي ومفهوم العدالة وبذلك ألزمه أن ينشئ القاعدة القانونية ويستمدها من ضميره فلا يتضرع بعدم وجود نص أو تصوره وقد ذهب المشرع السويسري إلى أبعد من ذلك فأذن في حالة عدم وجود نص تشريعي أو عرف مستقل أن يطبق ما كان يضع من القواعد لو عهد إليه بأمر التشريع (المادة 1 من القانون المدني السويسري) وبهذا النص يستطيع أن يستهدي بالقوانين الأجنبية ويستعين بالدراسة المقارنة في إيجاد الحل المعادل ونفس الحل يقتاد به المشرع العراقي فينص القانون المدني العراقي صراحة بإمكانية القاضي الاستعانة بالدراسة المقارنة في المادة الأولى <<تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو فحواها>> فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكمت المحكمة بمقتضى العرف فإذا لم يوجد في الشريعة الإسلامية أكثر ملائمة لهته النصوص دون التقيد بمذهب معين فإذا لم يوجد في قاعدة العدالة وتسترشد المحاكم في ذلك بالأحكام التي أقرها الفقه في العراق ثم في البلاد الأخرى التي تتقارب قوانينها مع القوانين العراقية والقضاء يلعب دورا مهما في اصطلاح عيوب التشريع وإكمال نقصه تحت ستار التفسير.
دور وأهمية القانون المقارن بالنسبة للفقيه: يعتمد كل من التشريع والقضاء على الدراسات التي يقدمها الفقيه في المجال القانوني فيها يوجد المشرع حين وضع التشريع أو حين تعديله أو تنقيحه ويوجه أيضا القاضي في إيجاد الحلول في المسائل التي تطرح عليه حين يكون النص القانوني غامضا والتوجيه للمشرع والقاضي لا يكون متميزا لا يقدر ما يتمتع به الفقيه من دراية من الاتجاهات القانونية العالمية معتمدا في ذلك على اطلاعه الواسع على الفكر القانوني في مجال القضاء والفقه الأجنبي والدراسات المقارنة هي التي تمكن من تكوين الفقيه قادر على أداء هذه المهمة خير أداء.
أهمية ودور القانون المقارن في فروع القانون:
في مجال فلسفة القانون: اختلف الفقهاء في وجود الارتباط بين فلسفة القانون والقانون المقارن فمنهم من اعتبر القانون المقارن يؤدي إلى صياغة القانون المشترك عالمي مثالي وقد نادى صالي بفكرته هذه في أول مؤتمر دولي في القانون المقارن عقد في باريس سنة 1900 وهو يحدد فكرة القانون الطبيعي المثالي ويعتبر صالي هذا القانون المثالي المشترك قانون احتياطي إلى جانب قانون الوطن ويكون المشرع مؤتمن به عند تعيين القانون وهناك فريق آخر لا يقيم علاقة القانون المقارن وفلسفة القانون وهما (لون بير ودافيد) فيرى الأول أنه ينبغي استخدام القانون المدني في إعداد قانون مشترك تشريعي يعلو على القانون الوطني ويتفق دافيد في إمكان إسهام القانون المقارن في إعداد قانون أوروبي مشترك وبصفة خاصة داخل الشريعة اللاتينية الجرمانية وعلى العموم تقوم الدراسات المقارنة بتحديد المفاهيم القانونية لدى مختلف المجتمعات بإبراز العلاقة بين مختلف المذاهب المؤثرة في المجتمع وتحديد هذه المفاهيم يمكن معرفة مدى تأثير المبادئ الأخلاقية والفلسفية الإيديولوجية على القانون كتأثير القانون السوفياتي سابقا بالفلسفة اللاتينية الماركسية أو تأثر بعض التشريعات بالديانات السماوية، الدول الإسلامية أو كثيرا من دول إفريقيا وآسيا متأثرة بالديانة المسيحية أو معتقدات أخرى فعبرات الديمقراطية، القانون، العدالة، الإنصاف، الأمن، تختلف مدلولها من مجتمع لآخر.
بالنسبة للنظرية العامة للقانون: يعتمد على الدراسات المقارنة في مجال النظرية العامة للقانون لتبين الأصل التاريخي لتقسيمات القانون والخصائص التي تتميز بها مفاهيمها فالتفرقة بين القانون الخاص والعام القانون المدني والقانون التجاري القاعدة الآمرة والمكملة تظهر كأمر طبيعي إذ درست من القانون الوطني ولكن بالمقارنة هذه القواعد مع غيرها من الأنظمة المخالفة تبين سلبيات وإيجابيات هذا النظام والمغزى الحقيقي لهذه التفرقة، فقهاء القانون المدني الفرنسي يرون أن التقنين أو التشريع هو النمط الأرقى للتعبير عن قواعد القانون ويكتفي القضاء بتفسيرها وتطبيقها وفي بريطانيا العظمى لها نظرة مغايرة للنظرية الفرنسية فلا يعد التقنين النمط الأرقى للتعبير للقواعد القانونية وعلى العموم مقارنة القوانين التابعة لنفس الحرارة تمكن من الوصول إلى وضع مبادئ مشتركة بين مختلف القوانين.
بالنسبة لتاريخ القانون: إن القانون المقارن بما يتطلبه في المقارنة بين الشرائع المختلفة منذ بداية تكوينها حتى إتمام استقرار رأسها ووضوح معالمها في صورتها المعاصرة يكسبانهما أعمق للتطور العام للقانون على امتداد أجيال متعاقبة من حيث الزمان ومن خلال هذا التطور تكتسب إحاطة كاملة بالنظم القانونية إذ يمكننا القانون المقارن من معرفة هذه النظم أثناء تطورها وفي ضوء دراسة تاريخ الشكلية والرضائية في العقود.
المطلب الثالث: المجال الدولي
للقانون المقارن في المجال الدولي فوائد وهي التقريب بين الشعوب توثيق العلاقات بين الدول عن طريق القانون الدولي وتسيير التعاون بين رعايا الدول عن طريق القانون الدولي الخاص.
1- في التقريب بين الشعوب:
يعتبر القانون المقارن وسيلة للتقريب بين الشعوب والتفاهم بينهم وعندما كانت الشعوب تعيش منعزلة لم يكن تعارفها شرطا أساسيا لوجود المجتمع الدولي بكن الوضع تطور وأصبح العالم يخضع لنظام دولي وبذلك وجد القانون المقارن ميدانا واسعا للقيام بمهمة والبحث عن فهم متبادل بين الشعوب بواسطة الدراسات المقارنة والذي أوصى بتأليف أكثر جمعيات التشريع المقارن.
2- في نطاق القانون الدولي:
يلعب القانون المقارن دورا هاما في توثيق العلاقات بين الدول وإقامة العلاقات بينها وتوثيقها وإقامة علاقات أفضل بينهما عن طريق المعاهدات والمفاوضات ولا شك أن حاجة الدبلوماسيين وحاجة المفاوضين التجاريين لمعرفة القوانين الأجنبية تبدوا اليوم أشد مما كانت عليه من قبل وعلى هؤلاء الإلمام بها لمعرفة آراء من يفاوضونهم ووجهات نظرهم وإعداد الحجج التي تكفل نجاحهم في مهامهم. المطلب الرابع: في مجال توحيد القوانين:
1- تطور فكرة التوحيد:
ازدهرت فكرة التوحيد مع نشأة القانون المقارن وظهرت الدعوى إلى وضع تشريعي عالمي وكانت في بدايتها ممثلة في القانون الطبيعي الذي دعا إليه فلاسفة اليونان ثم ظهرت فكرة قانون الشعوب الذي نشأ في روما ليكون قانونا موحدا يسري على العلاقات بين الرومان والأجانب ثم ظهرت فكرة التوحيد في إنجلترا حينما أراد الملك جاك الأول (1603← 1925) توحيد القانون الإنجليزي والقانون الإيقوسي يضم إيقوسيا إلى إنجلترا واتخاذها معها وكان القانون الإنجليزي ينتسب إلى الكومن لو بينما كان القانون الإيقوسي ينسب إلى القانون الروماني أواخر القرن 19 ظهرت أول محاولة عملية لتوحيد القوانين وقد قام بها الفقيه الإنجليزي (ليون دي في) وقدم مشروعا للقانون التجاري مستمدا من قانون التجارة البريطاني بالقانون الروماني وقوانين 50 دولة أخرى وعقد في إنجلترا مؤتمر التوحيد بعض قوانين القانون البحري تتعلق بالخسارات البحرية المشتركة وتتابعت المؤتمرات وتم توحيد الكثير من القوانين في مجالات مختلفة.
أنواع التوحيد:
1- التوحيد الداخلي: وهو توحيد القانون داخل الدولة الواحدة وهو تكملة لسيادة وطنية ومن شأنه أن يقضي على أسباب التفرقة الطائفية والإقليمية ويجعل الدولة وحدة متماسكة تحققت هذه الفكرة في فرنسا بصور قانون نابليون عام 1808 وحذت حذوها دول أخرى فوحدت إيطاليا القانون المدني عام 1865 وسويسرا 1881 و1908 ثم ألمانيا عام 1896 وظهرت قوانين موحدة بعد الحرب العالمية الأولى في الدول الشرقية لأوروبا وانتقلت فكرة التوحيد إلى الشرق العربي فوحدت مصر القانون المدني وساعد ذلك على توحيد القوانين في البلاد العربية الأخرى وكان القانون المصري القانون النموذجي الذي اقتدت به الدول وكان للعلامة السنهوري دور فعال في هذا التوحيد حيث أسندت له مهمة تحرير مشروع القانون المدني في الكثير من الدول العربية.
2- التوحيد الخارجي:
أ- التوحيد الثنائي: يكون بين دولتين تتفقان على توحيد قانونيهما كاتفاق فرنسا وإيطاليا على توحيد قانون الالتزامات وقد تم وضع المشرع الموحد عام 1929 لكنه لم يرى النور.
ب- التوحيد المتعدد الأطراف: وهذا التوحيد إما أن يكون إقليميا أو عالميا.
- التوحيد الإقليمي: ويكون من بلدان ترتبط بروابط سياسية واقتصادية وتاريخية وأهمها "إتحاد الدول الأسكندنافية" ويسمى هذا الاتحاد بالاتحاد الشمالي ويتألف من السويد والنرويج والدنمرك وأيسلندا وفنلندا هذه الدول تجمعها وحدة جغرافية في شمال أوروبا قامت بينها وحدة في كثير من القوانين ورغم أن القانون النرويجي والدنمركي ينتهجان أسلوب القانون الإنجليزي وأن القانون السويدي والفنلندي يرتبطان بالقانون الألماني فإن فكرة التوحيد قد تغلبت على الاختلاف القائم بين مصادر هذه القوانين فيما يتعلق بالقانون التجاري.
- إتحاد دول البيني ليكس: يتألف هذا الإتحاد من بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج بموجب معاهدة وقعت في لندن لسنة 1944 من قبل حكوماتهم ثم تم التصديق عليها في مجالسهم النيابية عام 1947 وكانت الغاية منها إقامة وحدة جمركية بينها ثم معاهدة عام 1958 لإقامة وحدة اقتصادية ووضع سياسة مشتركة للتجارة الخارجية وتنسيق الأعمال في مجال الاستثمارات والزراعة والأعمال الاجتماعية ما ساعد على توحيد الكثير من القوانين فيها كالقانون الدولي الخاص وأحكام البيع وتنفيذ الأحكام القضائية وتأسيس محكمة البيني ليكس التي تعمل على توحيد الاجتهاد القضائي ويلتزم بالتباع أحكامها القضاة الوطنيون في دول الاتحاد ويتحقق التوحيد أيضا بوضع مشاريع قوانين نموذجية.
- الاتحاد الأوروبي: أنشئ هذا الاتحاد بمقتضى معاهدة مايسترتشيت في نوفمبر 1992 ويهدف هذا الاتحاد إلى دعم اقتصاد الدول الأعضاء ورفع مستوى المعيشة بينها ويعمل هذا الاتحاد على تقريب القوانين التشريعية والاقتصادية والاجتماعية.
مجلس أوروبا: أنشئ بموجب معاهدة لندن سنة 1949 ويتألف من بلجيكا والدنمرك، فرنسا، ايرلندا، إيطاليا ولوكسمبورغ...إلخ. كدول مؤسسة ثم انضمت إليها دول أخرى كتركيا سنة 1949 وبعض دول أوروبا الشرقية في العشرية الأخيرة وعلى رأسها روسيا منذ 1996 ليصل عدد الدول إلى 46 دولة ومن أهداف هذا المجلس توثيق العلاقات بين أعضائه ودفع الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى التقدم ودراسة القضايا المشتركة بعقد الاتفاقيات في جميع المجالات وفي سنة 1963 أنشئت داخل مجلس أوروبا لجنة أوروبية للتعاون القانوني وهي تضم مندوبين عن الدول الأعضاء تجتمع مرتين في السنة وتشرف على الأعمال والمشاريع التي تعدها لجنة الخبراء القانونيين المتخصصين لكي تصاغ في مشروع اتفاقيات تعرض على الدول الأعضاء للتوقيع عليها ومنها الاتفاقية الخاصة بتعدد الجنسيات وأداء الخدمة العسكرية والاتفاق المتعلق بتسليم المجرمين والتعاون المتبادل في المسائل الجنائية ومن أهم الإنجازات له ترقية حقوق الإنسان وحماية الحريات الأساسية للمواطن ولتحقيق ذلك أعد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في ماي 1950 التي دخلت حيز التنفيذ سنة 1953 كما أنشئت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في سبتمبر 1959 ثم أنشئت المحكمة الأوروبية للديمقراطية عن طريق القانون أو لجنة البندقية.
- الاتحاد من أجل حوض البحر الأبيض المتوسط:نادى بهذه الفكرة الرئيس الفرنسي ساركوزي أثناء حملته الانتخابية للرئاسيات الفرنسية سنة 2007 واعتمدها رؤساء دول وحكومات التحاد الأوروبي في 13/03/2008 ويجمع هذين الاتحادين 27 دولة المكونة للاتحاد الأوروبي والدول المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط خاصة منها دول الجنوب (دول المغرب العربي، مصر، الأردن، لبنان، سوريا، فلسطين وإسرائيل ويضاف إليها تركيا)
- جامعة الدول العربية: في 22/03/1945 أنشئت هذه الجامعة وكانت تضم بعض الدول ثم انضمت إليها تدريجيا الدول العربية الأخرى فأصبحت تضم جميع الدول العربية وتتألف الجامعة من مجلس الجامعة والأمانة العامة واللجان، هذه الأخيرة تقوم بإعداد دراسات في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية والقانونية وتعد اللجنة الثقافية للدراسات التحضيرية لتوحيد التشريع في الدول العربية من تجديد قوانينها واستمداده من القانون المدني المصري المقتبس من قانون نابليون إنما قامت به تلك الدول بصفة مستقلة ولم يقم على أساس التعاون بقصد التوحيد غير أن قمة مارس 2005 بالجزائر وعدت بأن يكون للجامعة نفس جديد يجعلها تساير متطلبات العصر وترقية دورها على الصعيد الإقليمي والدولي حيث تقرر تعديل ميثاق الجامعة بإنشاء برلمان عربي انتقالي وإنشاء هيئة لمتابعة تنفيذ القرارات وتعديل نظام التصويت ونظام اعتماد القرارات.
- مجلس التعاون لدول الخليج العربي: ويضم دول الخليج العربي الست أنشئ في 07/03/1981 وكان الهدف من إنشائه التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع المجالات.
- الاتحاد الإفريقي: تم إعادة النظر في منظمة الوحدة الإفريقية واستبدالها بالاتحاد الإفريقي على غرار الاتحاد الأوروبي وله مؤسسات تنفيذية وتشريعية وقضائية وما يليه.
وإلى جانب هذه التكتلات المشار إليها آنفا توجد تكتلات أخرى عبر العالم تقوم بعمل كبير في مجال التوحيد والتقريب بين الشعوب.
3- التوحيد العالمي: يتم عن طريق التشريع والعرف وقوانين وعقود نموذجية:
أ- التوحيد عن طريق التشريع: يتوحد عن طريق الاتفاقيات الدولية ويتناول المسائل المتعلقة بالعمل والتعامل التجاري بما يضمن السلامة ويرفع ما يثور من شأنه من تنازع في القوانين وبذلك يجعل القانون الموحد في الموضوع الذي تناوله التوحيد وهذا لا يمس سيادة الدول ما دام الاتفاق قائما بين الدول وفق المجالات التي يتم فيها التوحيد باتفاقيات دولية وسنورد بعض الأسئلة على ذلك:
- توحيد قواعد النقل للسكك الحديدية: تم هذا التوحيد باتفاقية برت 1890 والمعدلة باتفاقية لاحقة أخرى لها في 1953.
- توحيد قواعد النقل البحري: تم هذا التوحيد باتفاقيات بروكسل وقد تناول التوحيد القواعد المتعلقة بالتصادم بين السفن وتلك المتعلقة بالإسعاف والإنقاذ البحري وتحديد مسئولية المجهز والمتعلقة بتداول وثائق الشحن والحقوق المعينة التي تقع على السفن.
- توحيد قواعد النقل الجوي: تمت باتفاقية وارسو 1929 ثم اتفاقية 1933.
- توحيد قواعد النقل البري: ثم التوحيد باتفاقية جنيف 1955
- توحيد قانون العمل: تم توحيد الكثير من أحكام قانون العمل باتفاقيات كثيرة بمبادرة من مكتب العمل الدولي ومنها:- اتفاقية 1919 بشأن البطالة/ - اتفاقية 1919 -1934 بشأن منع النساء من العمل ليلا/ - اتفاقية 1919 -1934 -1937 -1946 بشأن عمل الأطفال...
وقد صادقت الجزائر على الكثير من المعاهدات.
وفي نفس السياق يقوم مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص بالتقرير بين الأنظمة القانونية المختلفة بإيجاد سبل متفق عليها دوليا للتعامل مع مسائل متعددة باختصاص المحاكم القانون الواجب التطبيق.
وكذ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
محاضرات في القانون المقارن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  محاضرات ودروس في قانون التأمين - القانون المقارن
» ملخص محاضرات الأوراق التجارية -السفتجة- في القانون التجاري الجزائري
» بحث المنهج المقارن -بحث-
» محاضرات الأسرة
» محاضرات في طرق الاثبات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بلدية فركان  :: منتديات الحقوق والإستشارات القانونية :: قسم الدروس والمحاضرات :: محاضرات في القانون المقارن-
انتقل الى: